ويتقلب ظهرا لبطن من شدة الوجع. وقل: يتضوّر: أي يُظهر الضَّوْر: بمعنى الضرّ، يقال: ضاره يضوره، ويَضِيره: إذا ضرّه. قال السندي -رحمه اللَّه تعالى-: وآخر الحديث يفيد أنه كان يفعل ذلك، فرَحًا بالموت، اعتمادًا على صدق الموعد انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -. بل الظاهر أن سبب تضوّره هو اشتداد الأمر عليه، كما تقدم في قول يعلى بن أميّة: "فرأيت منه جَزَعًا"، وكما يأتي في قصّة محمد بن أبي سفيان الآتية 1816. واللَّه تعالى أعلم.
(فَقِيلَ لَهُ) أي قيل لعنبسة في ذلك، يعني أن الناس الحاضرين كلموه بما يخفف عنه ذلك، فقد تقدم في رواية يعلى بن أمية، أنه قال له: "إنك على خير".
(فَقَالَ. أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ أُم حَبِيبَةَ، زوج النبِي - صلى اللَّه عليه وسلم -، تحُدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) ظاهر قوله: "من ركع" أن التحريم على النار يحصل لمن صلى، ولو مرة واحدة، لكن الرواية الآتية 1816 - بلفظ: "من حافظ على أربع ركعات" تدلّ على أنه لا يحصل هذا الفصل إلا لمن داوم عليها (قبْلَ الظُّهْرِ) فيه أن السنة قبل الظهر أربع ركعات، وهذا على سبيل الأفضلية، فلا يعارض ما ثبت في حديث ابن عمر - رضي اللَّه عنه - أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى قبل الظهر ركعتين، كما تقدم البحث في ذلك (وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا) قيل:
ركعتان منها مؤكدتان، وركعتان مستحبتان (حَرَّمَ اللَّهُ، -عَزَّ وَجَلَّ-، لَحْمَهُ عَلَى النَّارِ") وفي رواية مكحول: "حرّمه اللَّه على النار"، وفي رواية الشُّعَيثيّ: "لم تمسه النار".
قال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد اختلف في معنى ذلك، هل المراد أنه لا يدخل النار أصلاً، أو أنه، وإن قدّر عليه دخولها لا تأكله، أو أنه يحرم على أن تستوعب أجزاءه، وإن مسّت بعضه، كما في بعض طرق الحديث عند النسائيّ بلفظ: "فمسّ وجهه النار أبدًا"، وهو موافق لقوله في الحديث الصحيح: "وحرم على النار أن تأكل مواضع السجود"، فيكون قد أطلق الكلّ، وأريد البعض مجازًا، والحمل على الحقيقة أولى، وإن اللَّه تعالى يحرم جميعه على النار، وفضل اللَّه أوسع، ورحمته أعمّ انتهى (?).
وقال السنديّ: ظاهره أنه لا يدخل النار أصلا، وقيل: على وجه التأبيد، وحمله على ذلك بعيد، ويكفي في ذلك الإيمان، وعلى هذا فلعلّ من داوم على هذا الفعل يوفقه اللَّه تعالى للخيرات، ويغفر له الذنوب كلها انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حمل الحديث على ظاهره كما قال الشوكاني، وأشار إليه السندي -رحمهما اللَّه تعالى- هو الحق؛ لأنه لا مانع من ذلك؛ لأن من وقفه اللَّه لذلك يوفقه لسائر الخيرات، واللَّه تعالى أعلم.
(فَمَا تَرَكْتُهُنَّ) القائل هو عنبسة بن أبي سفيان، وقد تقدم "من صلى اثنتي عشرة