الشاعر

زاد سكان قريتي يوما إضافيا في توزيع الماء، ليستغلوه في إحداث مزرعة مشتركة للبطيخ، وكان في القرية رجل واسع الحيلة، بارع النكتة، حلو الحديث، وكان هو الرجل الوحيد الذي لم يثمر بطيخه رغم كبر أوراقه.

فكان يسبق جيرانه مطلع كل صبح فيأخذ من بطيخهم ويضعه تحت ورق بطيخه، حتى إذا جاء وقت جني البطيخ رأد الضحى ذهب مع الناس وأخذ من البطيخ كما يأخذون، ولكنه كان يهمس في آذان أوراق بطيخه الكيبرة قائلا:

"عليك الورق وعلي الثمر"

هكذا الشاعر مع روضة. هي ورق بلا ثمر، قبل أن يقف بها شاعر ويتأمل فيها.

فإذا أسعدها الحظ بشاعر يقضي حيالها لحظات، عادت جنة مثمرة لا ينفد ثمرها، ولا يعروه ذبول، وأصبحت في الوجود صفحة مشرقة من كتاب الخلود ...

ميلاد!

في ساعة بين الليل والنهار أخدت مجلسي تحت شجرة، وأمام روضه، أشهد الصباح يولد فيولد الكون ويتنفس فتتنفس الحياة.

كل شيء هادئ، وادع ساحر، يدعو إلى الغبطة، ويغري بالنشوة، ويبعث على الاستغراق في التأمل والتفكير،

الزهور تتفتح في سكون، والندى يتدحرج إليها من أعالي الأفق فيقبل ثغورها في صمت.

والنسيم المرح النشوان بروعة المشهد يتسلل إليها من مخدعه السحري على بساط الأثير فيحتضنها في رفق، ويناجيها في همس، ويغازلها في خشوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015