إن من شهد في أصل ولم يحزه حازه شهود آخرون، وهو كلام صحيح لا خلاف فيه كما ذلك.
قال يحيى بن يحيى في سماعه في رسم المكاتب من كتاب الاستحقاق عن ابن القاسم وسألته عن الأرض تستحق بالعدول ولا يثبتون حوزها فشهد على حوزها من الجيران غير العدول: أيتم بذلك الحكم لمدعيها مع يمينه؟ فقال: لا يشهد في الحوز وغيره إلا العدول، ولا أرى أن يتم لهم استحقاقهم إلا بالعدول.
وعن ابن القاسم في المجموعة مثله، وفي العتبية في الأقضية في رسم تاخير صلاة العشاء عن مالك، فإن كانوا عدولاً ثبتت شهادة شهود املك بهم، وبهذا شاهدت القضاة مرارًا، وأفتى ابن مالك في جنة شهد شهود لرجل بابتياعها إلا أنهم لم يعرفوها، وعرفها غيرهم أن العارفين بها يشهدون عند احكم بمعرفتها ثم يحوزونها، فتهيأ في ذلك عقدان: عقد بمعرفتهم لها، وعقد بحيازتهم إياها، قال لي: وهو حسن وبه رأيت العمل.
قال القاضي: وهذا فضل لا يحسنه كثير من القضاة والحكام، ويجهلون كيفية تهذيبه.
حيازة في مال ابن مزين:
فهمنا – وفقك الله – الشهادات الواقعة من حيازة مال ابن مزين، فرأينا شهادات اجتمعت على أحقال بقطع من الشهادة لسعيد بن مزين، ورأينا شهادات وقعت بأمر ملتبس جعل الحد في بعضها سهام بنات سعيد، فأشكل الأمر إذا لم تقل البينة أنا نعرف هذه الأحقال مالا لبنات سعيد بشيء يصفونه.
فرأينا – وفقك الله – أن يكون نظرك ناجزًا فيما لم تختلف فيه البينة، ولم تشك في شيء منه، ويبقى النظر في الملتبس حتى تأتي منه على غاية لقطع الشك فيه، وذلك أن يعذر إلى من يجب الإعذار إليه في الشهادات التي لا لبس فيها، قال بذلك ابن وليد، وأيوب بن سليمان.
ورأينا حقلاً منها انفرد فيه حائز واحد، وقال بذلك محمد بن غالب، وقال محمد بن لبابة فيما اجتمع فيه عدلان وما كانت الحيازة على حيازة والد وولد؛ فلا يجوز ذلك، وقاله أبو صالح، وابن غالب، وابن وليد، وقال: إذا قال القاضي إن شهادة الأب كانت قبل الولد عنده؛ سقطت الآخرة، وقال عبيد الله بن يحيى: شهادة الوالد والولد جائزة إذا