ووصله بقوله، فإن كان قد ثبت عندك اعتمار سعيد للأحقال الحقال التي ابتاعها وهذا اختلاط لأنه ليس في المسألة لا في جوابها أن سعيد ابتاع أحقالا إنما في المسألة أن جعفر بن مزين أشهد أنه ابتاع أحقالا بقرية شتيمة من محمد بن سعيد، وأظنه رحمه الله كان في حين هذا الجواب ذاهلاً عنه لأمر شغل بالله وكدر حاله؛ لأنه لو لم يخطئ إلا في الفقه لحمل على الجهل.
وأما إحالته لمعنى السؤال وألفاظ المفتيين فليس له تأويل غير عزوب التحصيل بقلبه الذهول، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وبالجملة فإن أبا مروان رحمه الله لم يكن من أهل العلم ولا وصف به، وغنما عول فيما حمل منه على أبيه يحيى بن يحيى لم يعرج على غيرهن فبقى صفر اليدين منه وقد سئل في بعض مجالسه عن النعامة فقال: طير من طيور الماء، وكان بالحضرة عبد الله بن غانم فقال في ذلك:
هذب الزمان بفوة العلماء ... وبقيت في ظلماء وفي عمياء
وأتى طعام رتع من بعدهم ... لا فرق بينهم وبين الشياء
فإذا سألت عن النعام أسدهم ... علمًا يفسره بطير الماء
ذلك هذا كله عنه أبو محمد بن عبد البر في تاريخه قال: وتوفي عبد الله بن يحيى في شهر رمضان لعشر مضين منه سنة ثمان وتسعين ومائتين، فلم يزل - بعد الصدر الأول المنتخبين رضي الله عنهم - يتكلم في العلم من لا رسوخ له فيه ولا بصر عنده به.
هذا ربيعة بن أبي عبد الرحمن رحمه الله يبكي ويقول حين سئل: أبكاني أنه اتسفتى من لا علم له، وقال لبعض من بقي ههنا أحق بالسجن من السراق وجناية هذا على الأمراء في إشارتهم بذلك إلى من لا فقه له ولا سبقت له عناية على حسب ما يحملهم عليه هواهم وتزينه لهم وزراؤهم اعتناء بالجهال وإزراء بأهل العلم وقد صدق ابن المبارك في قوله:
وهل أفسد الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها
والله تعالى حسيبنا وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولو ذكرت من هذا ما شاهدته وما بلغني لطال معه الكلام، وخرجنا عن الغرض الذي قصدنا فيه، وجواب ابن لبابة وابن وليد في هذه المسألة ليس بشيء، وجواب أبي صالح أيوب بن سليمان جواب صالح، وقوله فيه: