أعشو إلى ديرِها الأقصى وقد لمعت ... تحت الدجى فكأنَّ الدَّير مشكاة

وأكشف الحجبَ عنها وهي صافيةٌ ... لم يبقَ في دنها إلاَّ صُبابات

راحٌ زحفت على جيشِ الهموم بها ... حتَّى كأنَّ سنا الأكوابِ رايات

وبتُّ أجلو على الندمانِ رونقها ... حتَّى لقد أصبحوا من قبلِ ما باتوا

مصونة السرّ ماتتْ دونَ غايتها ... حاجاتُ قومٍ وللحاجاتِ أوقات

تجولُ حولَ أوانيها أشعَّتها ... كأنَّما هي للكاسات كاسات

وتصبح الشرب صرعى دونَ مجلسِها ... وهي الحياةُ كأنَّ الشربَ أموات

تذكرت عند قومٍ دوْس أرجلهم ... فاسْترجعت من رؤوس القوم ثارات

واسْتضحكت فلها في كلّ ناحيةٍ ... هبات حسنٍ وفي الآناف هبات

كأنَّها في أكفِّ الطائفين بها ... نارٌ تطوف بها في الأرضِ جنَّات

من كلّ أغيدَ في دينارِ وجنته ... توزَّعت من قلوب الناسِ حبَّات

مبلبل الصدغ طوع الوصل منعطف ... كأنَّ أصداغه للعطفِ واوات

ترنَّحت وهي في كفَّيه من طربٍ ... حتى لقد رقصت تلك الزجاجات

وقمتُ أشربُ من فيهِ وخمرتهِ ... شرباً تُشَنُّ بهِ في العقلِ غارات

وينزلُ اللثمُ خدَّيه فينشدها ... هي المنازلُ لي فيها علامات

سقياً لتلك اللييلاتِ التي سلفت ... فإنَّما العمرُ هاتيك اللييلات

تقاصرت عن معانيها الدهور كما ... تقاصرت عن كمال الدِّين سادات

حبرٌ رأينا يقينَ الجود من يدِه ... وأكثرُ الجود في الدنيا حكايات

محجب العزّ في أيَّام سؤدَدهِ ... للعزّ محوٌ وللأمداحِ إثبات

سما على الخلقِ فاسْتسْقوا مواهبه ... ى غروَ أن تسقيَ الأرضَ السموات

واسْتشْرف العلم مصقولاً سوالفه ... بدهره وزهتْ لليمن وجنات

واسْتأنف الناسُ للأيامِ طيب ثناً ... من بعد ما كثرت فيها الشكايات

لا يختشِي موتَ نعمى كفهِ بشرٌ ... كأنَّ أنعمهُ للخلقِ أقوات

ولا تزحزَحُ عن فضلٍ شمائلهُ ... كأنَّها لبدورِ الفضلِ هالات

يا شاكيَ الدهرِ يممهُ وقدْ غُفرتْ ... من حوْلِ أبوابهِ للدَّهرِ زَلاَّت

ويا أخا الذَّنبِ قابلْ عفوه أَمَماً ... أيانَ لا ملجأ أوْ لا مغارات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015