فآوي بشطِّ النيل طرفي وناقتي ... وأطرح في تيَّاره السرح والرحلا
وأسكن حيث الشهب حصباء واطئٍ ... وحيث يمدُّ العزّ من فوقها ظلاَّ
وحيثُ أصوغ اللفظ أهلاً لمدحِهِ ... وأمَّا سوى لفظي هناك فلا أهلا
وحيثُ زماني فهو ضدٌّ معاكس ... يعود إذا طارحته صاحباً خلاَّ
أقول أبو جهل فلما أحفَني ... ظلال الحمى العالي أقول أبى جهلا
هنيئاً لوفدٍ سائرين لبابه ... لقد حمدوا المسرى وقد عرفوا السبلا
وإن امرأً أسرت إليه جياده ... ليعظم أن يرضى الهلال لها نعلا
وإن لقاضي المسلمين عوارفاً ... بها كم أقمنا للثنا شاهداً عدلا
ونحواً من العلياء نزِّه وضعه ... فما الاسم منقوصٌ ولا الفعل معتلاَّ
رِدوا بحره واسْتصغروا ورد جعفرٍ ... وقيسوا به الآمال واطْرحوا الفضلا
بني دلف طبتم وطابَ قديمكم ... فأكرم بكم فرعاً وأكرم بكم أصلا
وجزتم مدا العلياء لم يتل سبقكم ... ولكن على السماع ذكركمُ يتلى
فلا طرقت أيدي الخطوب لكم حمى ... ولا فرَّقت عين الزمان لكم شملا
وقال يرثي جارية
البسيط
حاشاكَ من وحشةٍ تحت الثرى وجلا ... يا سائراً صرت في حزني له مثلا
سقياً لقربِك والأيام عاطفة ... والقلب يسحب أذيال الهنا جذلا
والسمع قد صمَّ عن نجوى عواذله ... وسيف جفنك عندِي يسبق العذلا
حيث التبسُّم طلاَّع الثنيَّة من ... فرط السرور وبشر الطلعة بن جلا
فبينما أنا معطوفٌ على سكنٍ ... حتَّى تحرَّكت الأيام فانْتقلا
أشكو إلى الله بيناً لا انْقضاء لهُ ... ورحلة للنوى لا تشبه الرحلا
بيناً أرى فيه للنعشِ انْبعاث سرى ... لا ناقة للسرى فيه ولا جملا
فليت أن بنات النعش تسعدني ... بأدمعِ النوء للبدرِ الذي أفلا
لهفي عليك وهل لهفٌ بنافعة ... إذا تحدَّر دمع العين وانْهملا
لم يترك الدهر من أوقات منتظري ... إلا وآخر عمر تندب الأوَّلا
وتربة يتلقَّى الحزن زائرها ... كأنَّها تنبت التبريح والوَجلا