كونوا كما شئتموا نأياً ومقترباً ... إنْ لم تكونوا من الدنيا كما شينا
إنَّا وإن غدرت فينا عهودكُم ... من الذين همُ للعهدِ راعونا
في قبلة العشق أو ميدان حليته ... نحن المصلون أو نحن المجلّونا
لا يقبس الوجد إلا من جوانحنا ... ويستقي الدَّمع إلا من مآقينا
حمرٌ مدامعنا صفرٌ مناظرنا ... سودٌ مذاهبنا بيضٌ نواصينا
لو كانَ في الألف منا واحد فدعوا ... مَنْ عاشقٌ ظنهم إياه يعنونا
منذ اشْتغلنا بتكرار الغرام بكم ... لم ينس خوف دروس العهد ماضينا
لكنكم وجلال الله يكلؤكم ... تسترفضون جميلاً من توالينا
وتصرفون لأقوام عنايتكم ... عنَّا وما قصرت عنكم مساعينا
هي الحظوظ فعشْ منها بما وهبت ... ولا تقل عالياً عزمي ولا دونا
يعنى بذا دون هذا مع تماثله ... وقسْ على ما تراه السين والشينا
همنا فإن يسلُ عن أسداء أنعمه ... كفّ الفلان فإنَّ الدهر يسلينا
لله درّ فلان الدِّين من رجلٍ ... يسرّ دنيا ويرضى بالتقى دينا
فتى يضاعف أثمان الرجاء لمن ... سعى له ويراه بعدُ مغبونا
جذلان تحذف جمع المال راحته ... حذف الإضافة في الأسماء تنوينا
نستمنح المال مكيولاً بأنعمه ... وننظم القول في علياه موزونا
ويصبح المدح إلاَّ في مناقبه ... كالبكر زوَّجها الأهلون عنينا
نعم الملاذ بجاهٍ أو نوال يدٍ ... في حادثِ الدهر يحمينا ويروينا
كادت عطاياه أن تبقى معطلة ... لأن نائلها لم يبق مسكينا
وكادَ من لطف ألفاظٍ محررةٍ ... يردّ سائله المفتنّ مفتونا
يا جائل الطرف في السادات قف بحمى ... من ليس يحتاج تعريفاً وتبيينا
لسنا نسميه إجلالاً وتكرمةً ... وقدره المعتلي عن ذاك يغنينا
شمه تجد حاجباً من نور طلعته ... لكنه لم يزل بالنجحِ مقرونا
وآمراً بنوال القاصدين فما ... يزال فيهم رشيد الرأي مأمونا
تريك أقلامه في بحر راحته ... فلكاً بما ينفع الآمال مشحونا
كأنَّها وهيَ بالألفاظِ مطربةٌ ... قضبٌ تجيد عليها الوُرق تلحينا