أغصّه النيل بدمعِ الأسى ... ومرَّرتْ ذكراه حلوانه
وشيبت أيدي النوى شعره ... وشاقه الدير وشعرانه
حيث الصّبا تركض أفراسه ... وتقنص الآرام فرسانه
من كلِّ ريمٍ قد تشوّقته ... من قبلِ أن تشتاق أوطانه
أبداه بالذكرِ فأعجب لمن ... يبدأ بالساكنِ بنيانه
لمنطق من ذكره حسنه ... ومن علاء الدِّين إحسانه
أنا أميرُ الشعر في وصف ذا ... ومدح ذا رُتّب ديوانه
فازت يدا من بعلي الندى ... تعلق يمناه وأيمانه
ذو السر والبر فيا حبَّذا ... أسراره الطهر وإعلانه
والمرتقي علياء يعشو إلى ... كتابه في الأوج كيوانه
ورتبة في الأفقِ قد رجَحت ... من قبل أن يرصد ميزانه
للدين والدنيا عليهِ سناً ... يعرب عن فحواه عنوانه
فحبَّذا لمادحيه الندى ... وأنعمُ الله ورضوانه
الشعر فيك ملك قابل ... وقابل في الغير شيطانه
لوعدِه من كرمِ ذكرِه ... حتى إذا وفى فنسيانه
كأنَّما البحر له راحة ... وهذه الأنهر خلجانه
كأنَّما ألفاظه روضةٌ ... وهذه الأطراس غدرانه
زهت رياض الملك من حين ما ... هزَّت من الأقلامِ أغصانه
وطوَّق الخلق بإنعامه ... فرجَّعت بالحمدِ ألحانه
لطائفِ البيت الذي لم يزل ... لطائف الآمال أركانه
كلّ امرئٍ سلمانه بالوَلا ... وكلّ مهدِي المدح حسَّانه
من معشرٍ هم في الندى سحبه ... وفي ظلام الخطب شهبانه
إلى فتى الخطَّاب ساميّهم ... تفننُ الفضل وأفنانه
من عمر نور التقى والعلى ... إلى عليّ آل برهانه
فأنتَ ذو النورين من ذا وذا ... عليّه أم أنتَ عثمانه
يا شائد البيت النظيم الذي ... على التقى أسَّس بنيانه