فاز حرٌّ أمسيت مغزَى رجاه ... وزمان أصبحت صدر منامهْ
وقال رحمه الله تعالى في ابن صصري
البسيط
بكيت ليلاً بوجدي وهي تبتسم ... حتَّى تقايس منثور ومنتظم
دمع يجاوب مسراه تبسمها ... كالروض يضحك حيث الغيث ينسجم
لا كنتَ يا قلبُ كم تصبيك غانيةٌ ... يعدي أخا اللحظ من ألحاظها السقم
أحسن بها ظبية بالسفح تمنعها ... أسد الكماة لها من اسمها أجم
عدمت لبيَ من وجدٍ بها وكذا ... جفنيَّ فالآن لا حلمٌ ولا حلُمُ
وأغيد لم أخف فيه الذنوبَ ولا ... جرى على خده من عارضٍ قلمُ
يصان حتَّى كأن الخمر ما حرمت ... إلا لكيلا تحاكي ريقه الشبمُ
ما اهتزّ كالغصن في أوراق بردته ... إلا تساقط من أجفانيَ الغَيم
كانت غواية قلبي في محبّته ... مجهولة السّبل لا هادٍ ولا علم
يسلو الشجيّ ولفظي كله غزل ... ويستفيق وقلبي حشوه ألمُ
فالحبّ عندي وإن طال الملام به ... كالجود عند ابن مصري مشرع أمَم
حتَّى إذا صغت في قاضي القضاة حُلا ... مدحٍ تطهر فكرٌ بارعٌ وفمُ
أندى البرية والأنواء باخلة ... وأسبق الخلق والسادات تزدحم
حبر تجاوز حدّ المدح من شرفٍ ... كالصبح لا غرّة تحكى ولا رئم
لكنها نفحاتٌ من مدائحه ... تكاد تحيى بها في رسمها الرّمم
مجوّد الهمّ للعلياء إذ عجزت ... عنها السراة وقالوا إنها قسم
تصنّعوا ليحاكوا صنع سؤدده ... يا شيب كم جهد ما قد يكتم الكتم
يمضي الزمان وما خابت لديه يدٌ ... سعياً إلى المجد لا زلت به قدمُ
رام الأقاصيَ حتَّى حازها ومضى ... تبارك الله ماذا تبلغ الهمَمُ
لا يطرد المحل إلا صوب نائِله ... ولا يجول على أفكاره الندَمُ
في كلّ يوم ينادي جود راحتهِ ... هذا فتيّ الندى لا ما ادّعى هرم
يمّمْ حماه ودافع كلّ معضلةٍ ... مهيبة الحرم تعلم أنه حرم
وأحسن ولاء أياديه فما سلفت ... عزيمة بولاء النجم تلتزم