عجباً من زمانه حين ولَّى ... كيفما سيرت ودكَّت جباله
صعدت روحه لأمثالها الزه ... ر وفي الأرضِ أين أين أمثاله
فتهاوت كواكب الأفق تسعى ... وانْحنى يبدأ السلام هلاله
وعدمنا نحن الندى ولقينا ... يتقاضى وفد الرجاء جلاله
يا له من مصاب دينٍ ودنيا ... طالَ فينا اشْتغاله واشْتعاله
شابَ كالشيخ طفله وبكى الأش ... ياخ فيه كأنهم أطفاله
ونعت مصر والشآم إماماً ... طرزت مجد وذا وذاك خلاله
كم مقام كما سمعت ملوكي ... ولديهِ تصرَّفت أفعاله
كم بيمناه قصة قد أجيبت ... وسؤولٌ بها أجيب سؤاله
كم قريب دعا به وبعيد ... وهو هامٍ يد الندى هطَّاله
كم أتتني مع الركاب لهاهُ ... ووفت لي مع الزمن خصاله
لو بقدرِ الأسى بكيت لسالت ... مهجة كم وفت لها أفضاله
في سبيل العلى غمامٌ تولى ... بعد ما أخصب الورَى إقباله
هكذا عادة الزمان بنوه ... بسط ظل كما ترى وزواله
ودفين على بقايا دفين ... مثل ما قال من سرت أمثاله
كم إلى كم هذا التغافل منَّا ... عن يقين الردى وهذا التباله
جاد يا قاضي القضاة ضريحاً ... كنت فيهِ غيثٌ يسرُّ انْهماله
وجزى الله جود كفّك عنَّا ... وتولاَّك جوده ونواله
لك منَّا نشر النسيم ثناءً ... ولنا بالأسى عليك اعْتلاله
وقال يرثي كمال الدين الزملكاني
الخفيف
بلّغا القاصدين أنَّ الليالي ... قبضت جملة العلى بالكمال
وقفا في مدارسِ النقلِ والعق ... ل ونوحا معي على الأطلال
سائلاها عسى يجيب صدَاها ... أين ولَّى مجيب أهل السؤال
أين ولَّى بحر العلوم وأبقى ... بين أجفاننا الدُّموع لآلي
أينَ ذاك الذهن الذي قد ورثنا ... عنه ما في الحشا من الإشعال