سقياً لمصر منازلاً معمورةً ... بنجومِ أفقٍ أو ظباءِ كناس
وفدًى لها من بلدةٍ كم نثرةٍ ... فيها لأسراب الدموع أقاسي
وطنٌ له سهرت وشابت لمّتي ... ونعم على عيني هواه وراسي
من لي به والحال ليس بآسنٍ ... كدِر وعطف الدهر ليس بقاس
والطرف يستجلي غزالاً آنساً ... بالنيل لا ثورا على باناس
والعيش حليٌ طالما خطرت به ... أعطافُ كلّ مهفهفٍ مياس
ثم انقضى ذاك الزمانُ وما بقى ... من حليه عندي سوى الوسواس
بالرّغم إن قامت مآتم بعده ... عندي وفاز سوايَ بالأعراس
هنّ الحظوظ فعش بهن ولا تقل ... عقلي أعيش به ولا إحساسي
وضحت خفيَّات الأمور لفكرتي ... وأمور هذا الحظ في إلباس
هنّئت حظك يا دمشق بحاكم ... أمنَ الرّجاءُ به من الإبلاس
قاضي القضاة وإنها لمكانةٌ ... طهرت بسؤدده من الأدناس
ذو البيت طافَ به الرجاء ملبياً ... داعي الفخار إلى الندى والبأس
نسبٌ من الأنصارِ زانَ سماءه ... من وُلده حرسٌ من الأحراس
المشرقين إذا ادلهمت حالةٌ ... إشراق ضوءِ الصبح في الإغلاس
والصائنين من المعائب عيبةٍ ... نبويةٍ مسكيَّة الأنفاس
والحافظين الشرع إما فارس ... أو جالس للحكم بين أناس
عبروا وقد وصلوا عليّ فخارهم ... بعليّهم فاعجب لحسن جناس
اللابس التقوى سُماً وفعائلاً ... فانظر له في الفضل فضل لباس
مغني الأنام فما تعطل عنده ... في الحكم غير محاضر الإفلاس
ومعجّل الجدوى جزافاً لا كمن ... هو ضارب الأخماس في الأسداس
ومجدّد العلم الذي شدّت له ... للطالبين قدائم الأحلاس
وافى الشآم فأشرقت أيدي اللهى ... وجرت أمورُ العدْل بالقسطاس
وتجلّت الأحكام شمس ظهيرة ... وأطاع عطف الدّهر بعد شماس
وتنزهت في حكمها عن قادحٍ ... كلمٌ تضيء إضاءة المقباس
ثبتٌ تمرّ عليه أقوالُ العدى ... مرّ الرّياح على الأشم الراسي