ولم تنضَ في الأعداء كتباً جليةً ... سواء بها صفّ الكتيبة والسطر

ولم تخف أسرار الملوك إذا ارْتمت ... إليك ولم يفسح لمقدمك الصدر

ولم تلق أعباء الأمور ولم يجل ... يراعاً ولم يذعن لك النهيُ والأمر

بل كنت تجمي الناس من كيدِ دهرهم ... فكادك موتورٌ وقد يدْرَك الوتر

جزيت عن الإسلام خيراً فطالما ... خبا شرَرٌ عنه بعزمِك أو شرّ

أفاض الدّجى حزناً لباسَ حداده ... عليك وحارتْ في مطالعها الزّهر

ولم لا وقد أحييت ذاك تهجّداً ... وكم كثرت هاتيك أوصافك الغرّ

وكم قاصدٍ يبكي عليكَ وقاصدٍ ... فهذا له بشرٌ وهذا له أجر

فلا يبعدنك الله من مترحلٍ ... له العزَّةُ القعساء والسؤدد الدثر

يودّ العدى لو بلغوا ما بلغته ... وكانَ لهم من عمرك العشر لا الشطر

عزاءً عليه اليوم يحيى ببيته ... وصبراً صلاح الدِّين قد صلح الصبر

ألا إنَّها الأيام من شأنها الرِّضا ... إذا احْتكمت يوماً ومن شأنها الغدر

وما الناس إلاَّ راحلٌ إثر راحلٍ ... إذا ما انْقضى عصرٌ بدا بعدهُ عصر

تبدَّت لدى البيدا مطايا قبورهم ... ليعلَم أهلُ العقل أنهم سفرُ

عجائب تعيي النَّاظرين وحكمةٌ ... ممنعةٌ قد زَلَّ من دونها الفكر

وغاية أهل البحث والفحص قولهم ... هو الرزق يمضي وقته وهو العمر

بحقّك قلْ لي أينَ من طارَ ذكره ... فأصبح في كلِّ البقاع له وَكرُ

وأينَ ابن فضل الله ذو الرتب التي ... عنت لسناها الشمس أو قصر البدر

مضى وبحقّ أن يقالَ له مضى ... فقد كانَ عضباً في الأمور له إثر

سقى عهده المشكور عنا ولا غدا ... معانيه عفوٌ لا بكيٌّ ولا نزْر

وأكرم به من صائمٍ متخشِّعٍ ... تولى فأمسى في الجنان له فطر

قال وكتبته من خطه مما كتب به إلى ابن صقر الحلبي

الوافر

أما والله قد شرفت شعري ... فأصبحَ كلّ بيت مثلَ قصر

وقد لاقيتُ من علياكَ بحراً ... يلذّ مديحه في كلّ بحر

وصدراً فيهِ للرحمن سرٌّ ... كذاك الصدر موطن كلّ سر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015