ومضوا كما يمضي الغمام وخلفوا ... عبقاً كما ينشي الربيع وينشر
يا من إذا الأيام أذنبَ خطبها ... جاءت ببسط يمينه تستغفر
حاشاك تغفل عن وليٍّ ودّه ... صافٍ ولكن عيشه متكدّر
يستعبد النعمى لمجدك رقّه ... ومديحه المشهور فيكَ محرَّر
مدح يجرُّ على جرير ذيله ... متكبِّراً ويقل عنه كثير
حظٌّ توعَّرت المسالك نحوه ... فإذا جريتُ وراءه أتعثر
حتَّى إذا وجهت نحوك رغبة ... سهل الطريق وأمكن المتعذّّر
لا زلتَ مقصود الهبات ممتعاً ... بالعمرِ تبني المكرمات وتعمر
ذكر الغمام بجود كفّك ذاكر ... والشيء بالشيء المناسب يذكر
وقال جامعه وثقلت من هذا المجموع بخطه أيضا
يرثي شرف الدين بن فضل الله
الطويل
سقاك وحيَّاك الحيا أيُّها القبر ... وفاضت على مغناك أدمعه الغزر
وزارت ثراك الطهر سحبٌ وفية ... لدى المحل حتَّى يجمع الطهر والطهر
تجود بسقياها على جدث العلى ... وإن كانَ في أرجائهِ البحر والبرّ
إمام تقىً للملكِ في رأيه هدى ... وصدر علماً لله في أمره سر
فقدناه مشكور المساعي منزهاً ... عن الوزر إن أودى بذي تربة وزر
فلهفي على آرائه ... إليها الرماح السمر والعذب الصفر
ولهفي على أقلامه السود أوحشت ... إليها السيوف الحمر والنعم الخضر
سلام على الإنشاء بعد فراقه ... سلام امرئٍ أمسى لأدمعه نثر
عليكَ ابن فضل الله شقت جيوبها ... فضائل في طيّ البلاد لها نشر
رحلت فألقى رحله كلّ قاصدٍ ... وقطع من أسبابه بعدك الشعر
وكانت بك الأوقات فجراً ولا دجى ... فأمست دجى لما انقضيت ولا فجر
وليس بقفرٍ ما سكنت وإنَّما ... أرى كلّ مغنًى لست فيه هو القفر
مضيتَ غنيًّا عن سواك موقراً ... وللدين والدُّنيا إليك إذاً فقر
كأنك لم تنفع ولياً ولم تضر ... عدوًّا ولك تحمدك في أزمةٍ سفرُ
ولم يغزُ ذو الأملاك مغمدة الظُّبا ... بجيشٍ من الآراء يقدمه النصر