ويمنع الأخذ بالقصاص من القاتل بحجة أن القاتل من أهل الجماعة وكل من في الأرض عبيد لهم، لاشك أن ذلك الحدث أثر في عبد المؤمن بن علي.
في ظروف حالكة منذرة بالفتنة تولى عبد المؤمن بن علي قيادة الموحدين وكانت مهمته عسيرة وصعبة، فقد كان عليه أن يعيد الثقة الى نفوس الموحدين وأن يعيد تنظيم صفوفهم تمهيداً للمعركة المقبلة الفاصلة، ولهذا السبب شغل طوال الشهور الأولى من خلافته في رأب الصدع، وتأليف القلوب وتعبئتها لمدافعة المرابطين، فلما تم له ذلك اعتزم مواصلة الجهاد ضد المرابطين، فكانت أولى غزواته كخليفة على حد مارواه ابن أبي زرع موجهة إلى مدينة مراكش فقد هاجمها أياماً ثم ارتحل عنها (?)، غير أن ابن القطان (?) وابن خلدون يتفقان على أن أول غزواته هي غزوته لتادلة في وادي درعة، وفيها خرج عبد المؤمن من تينملل في شهر ربيع الأول سنة 526هـ في جيش ضخم قوامه ثلاثون ألف مقاتل، فسار أولاً نحو حصن تازا جورت وكانت تدافع عنه حامية مرابطية بقيادة يدر بن ولكوط وقيل يحيى بن مريم الزرجاني (?)، فتمكن عبد المؤمن من اقتحام الحصن وقتل واليه وقتل معه نحو عشرين ألفاً من المرابطين، وهو رقم مبالغ فيه فليس من المعقول أن يضم أحد الحصون المرابطية عدداً من المدافعين يتجاوز العشرين ألف مقاتل، وهذا الرقم من