الأولون يدركون ذلك ويحرصون عليه، فهم لم يتركوا لعبد المؤمن العنان لأن يستبد بهم، ولا أتاحوا له الفرصة لأن ينفرد في قرارات الحكم بل نجدهم يناقشون وينتقدون اعمال عبد المؤمن ويتجرؤون عليه وقد وصل الحال ببعضهم أن قتل أخا عبد المؤمن، لمّا جاء لزيارة أخيه الخليفة وجلس في المكان المخصص له. فما كان منه إلا أن غضب لنفسه واعتبر ذلك إهانة له، فثار بأخي عبد المؤمن الخليفة وقتله. ولما غضب عبد المؤمن وأراد الاقتصاص من قاتل أخيه، وقف الموحدون في وجهه ومنعوه من ذلك (?). ويروي البيذق هذا الحادث ضمن أخبار سنة ستة وثلاثين وخمسمائة (536هـ) فيقول: "وفيها جاء ابراهيم إلى الخليفة أمير المؤمنين بالتوحيد وأعطاه الخليفة الخيل والعبيد والخباء. وأنزله في موضع محمد بن أبي بكر بن بيكيت. فتغابر ابراهيم أخو الخليفة مع محمد بن أبي بكر بن بيكيت. فقتله محمد بن أبي بكر ابن بيكيت. فقام له أبو حفص وأبو الحسن يوكوت بن واكاك وقالا له: ألم يقل المهدي: بأن الجماعة وصبيانهم عبيدهم كل من في الدنيا. فصمت عند ذلك الخليفة .. ) (?).
لقد أسرّها عبد المؤمن في نفسه وشرع في أخذ الخطوات التي آلت للقضاء على نظام الطبقات الذي وضعه ابن تومرت ووضع نظاماً جديداً يكرّس الولاء لشخصه وأسرته وسنرى ذلك بإذن الله ويبدو أن عبد المؤمن لايعتقد اعتقاداً راسخاً في عصمة ابن تومرت ومهديته وإلا فكيف يتجرأ على نسف ماوضعه بن تومرت بعد أن مهد لذلك وجعل الزمن جزءً من هدفه.
لقد كان الظلم في تعاليم بن تومرت واضحاً هذا خليفة الموحدين يقتل أخاه