صلاح الدين بما وجد لدى سيده نور الدين محمود في مجال استخدام الحمام الزاجل الذي كانت تعلّق فيه الكتب حيث تعود بها إلى أوكارها فيوصل المسئول عنها الكتاب إلى من وجَّه إليه، ونسب بعض الباحثين إلى عماد الدين زنكي استخدام الحمام الزاجل قبل ابنه نور الدين (?)، ويعتبر عماد الدين من ولاة السلاجقة، وقد أظهر الخليفة العباسي الناصر في العصر السلجوقي العناية بالحمام وتربيته (?)، واستخدمه الفاطميون وبالغوا في الاهتمام به حتى أفردوا له ديواناً بأنسابه (?)، فاستفاد صلاح الدين من الحمام وإيصاله لأخبار العدو إليه، حتى كان بعض الجند يتخذ حماماً يدرَّبه تدريجياً على الطيران من مسافات بعيدة، وعمل له الأبراج الخشبية قرب خيمته حيثما نزل، كما استفاد منه في التعرف على أخبار مدينة عكا وحصار الصليبيين لها والتنسيق مع أهلها لمقاومته (?)، وأسهم استخدام الحمام في مباغتة صلاح الدين للصليبيين أثناء محاولتهم الاستيلاء على الإسكندرية ودمياط نتيجة لوصول أخبارهم إليه مباشرة بهذه الوسيلة (?)، وكان تأثر الصليبيين بهذه الوسيلة في نقل الأخبار كبيرًا، فأعجبوا بها ونقلوها إلى بلدانهم (?)، وقد استخدم الحمام الزاجل بعد ذلك في عصر المماليك فأطلق على المشرف على أبراجه برَّاج (?).
6 - الإقطاع العسكري: يقول المقريزي بعد حديثه عن الوزير نظام الملك والإقطاع موضحاً التأثير السلجوقي في هذا المجال على من جاء بعدهم: واقتدى بفعله من جاء بعده من الملوك من أعوام بضع وثمانين وأربعمائة إلى يومنا هذا (?). هذا كما وجد عند الأيوبيين كناحية من نواحي التأثير المتعددة للسلاجقة على الدولة الأيوبية، ويرى بعض المؤرخين أن الإقطاع ذا الصبغة العسكرية في عهد صلاح الدين كان استمراراً لوجوده السابق عند السلاجقة وأتابكتهم (?)، ووجد الإقطاع أيضاً عند المماليك بعد ذلك بينما احتفظ العثمانيون بما كان متبعاً لدى السلاجقة في مجال الإقطاع (?)، وفي ذلك كله دلالة واضحة على التأثير الذي أحدثه نظام الإقطاع