أحب أن يذكر عنا في التواريخ أن ملك الروم حمل الجزية وأوصلها إلى باب كاشغر؛ لينهي إلى صاحبه سعة ملك السلطان ليعظم خوفه منه ولا يحدث نفسه بخلاف الطاعة (?)، وهذا احتياط من جانب الوزير السلجوقي بإظهار عظمة سلطان السلاجقة وسعة بلادهم لرسول ملك الروم (?)، وكان السلاجقة يرون ضرورة المتابعة لأحوال الحرس والخفر والبوابين ومعرفتهم جميعاً والاطلاع على أحوالهم سراً وعلانية، لأنهم أسرع انخداعاً بالمال والإغراء (?)،

وإذا ما شوهد بينهم غريب فينبغي السؤال عنه والتأكد منه، ويجب أن يراقبوا ويتأكد منهم ويوضعوا تحت الإشراف المباشر كل ليلة عندما يتسلمون واجباتهم، وينبغي عدم إغفال هذا الأمر ليلاً أو نهاراً لأنه دقيق جداً (?). ويرى نظام الملك الوزير السلجوقي أن على السلاطين تحري أخبار الجيش فيقول: على الملوك أن يتحروا أحوال الرعية والجيش، وكل بعيد وقريب وأن يعرفوا كل كبيرة وصغيرة في المملكة (?).

7 - العلاقة بين الجند وقادتهم والتدرج في الرتب العسكرية: اتخذ السلاجقة من التنظيم الدقيق للعلاقة بين الجند وقادتهم واحترام التدرج في الرتب العسكرية وربط ذلك بمبدأ الثواب والعقاب أساساً من أسس فكرهم العسكري, ويفصَّل الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك هذا التنظيم قائلاً: إن تكن للجند حاجة ما ينبغي أن تُطلب بألسنة قادتهم ورؤسائهم؛ لأنهم إن أُجيبوا إلى ذلك إجابة حسنة يكونوا قد توصلوا إلى احتياجاتهم بأنفسهم ويكسبوا احترام أفرادهم؛ لأنهم طلبوا ما يحتاجون بأنفسهم فنالوه دون حاجة إلى وساطة تذهب باحترامهم لو لجأوا إليها. فإذا ما تطاول جندي على قائده ولم يحترمه أو يرع حرمته، بل تجاوز حده يجب أن يعاقب كيما يمتاز الرئيس عن المرءوس (?). وهذا النظام هو القائم إلى الآن في العالم.

8 - الجمع بين الرأي والتدبير والقوة العسكرية: كان الفكر العسكري السلجوقي يعتمد على الرأي الصائب والحكم السديد بجانب استخدام القوة (?)، ولذلك يرى بعض المؤرخين أن السلطانين السلجوقيين الأول والثاني، طغرل بك وألب أرسلان تميزا بأنهما فاتحان عسكريان, أما خلفهما ملكشاه فمهمته كانت تنظيم إدارة الدولة، ولدى الحاجة إلى توسيعها كان يلجأ إلى العمليات العسكرية وإلى الوسائل الدبلوماسية أيضاً (?)، وهو أمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015