في بروزهم على مسرح الأحداث قوة عسكرية ضاربة سيطرت على مناطق واسعة بقضائها على كثير من القوى التي اصطدمت بها، فقد وصف الراوندي السلاجقة بأنهم: كانوا أناساً يمتازون بالتقوى والدين واليقظة وعدم الإهمال (?)، كما وصفهم الحسيني بأنهم: أقوام نفوسهم ربطت بآداب الوغى (?) فكانت انتصاراتهم ونجاحاتهم التي حققوها في معاركهم نتيجة مقومات وأسس اتخذها السلاجقة ركائز لفكرهم العسكري, وهذا الأمر من سنن الله التي حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين على الأخذ بها, فمن أخذ بالأسباب وأحسن التعامل معها بأكبر قدر ممكن وصدق في توكله على الله فإن الله ينصره ويوفقه. ومن أهمها:
1 - التنشئة العسكرية للأبناء: كان اهتمام سلاطين السلاجقة بالفنون العسكرية كبيراً منذ بداية أمرهم ولذلك اهتموا بتربية أبنائهم على فنون الحرب والقتال وإتقانها، ولهذا نجد جدهم الأول سلجوق، يجتهد - قدر طاقته - في تربية وتنشئة حفيديه: طغرل بك، وجغري بك تنشئة عسكرية، آتت أكلها بعد ذلك في نجاح كل منهما في قيادة السلاجقة وإدارة معاركهم ضد أعدائهم، وقد أسهمت إلى حد ما هذه التنشئة في تولي أكثر زعماء السلاجقة للقيادة العامة للجيش بل ويقاتلون بأنفسهم في أرض المعركة نظراً للتدريب المبكر لهم على ذلك، فقد غزا ميكائيل بن سلجوق بلاد الأتراك وباشر القتال بنفسه حتى استشهد في سبيل الله (?)، ووصف البيهقي - وهو شاهد عيان - بلاء جغري بك في أرض المعركة بقوله: يا له من فارس مغوار (?)، وكان ألب أرسلان، يجيد الرمي بالقوس الذي لم يكن يفارقه في أي مكان (?)، كما كان ملكشاه أرمى الناس لم يخطئ قط، وأطعن الناس برمح (?)، وكان يجيد أيضاً استعمال الأسلحة جميعها مع مهارة كبيرة في ركوب الخيل (?). فهذه الروح العسكرية المتوثبة عند أمراء السلاجقة انعكست على قوادهم وجندهم وكانت - بدون شك - وراء النجاحات التي حققها السلاجقة في حروبهم وعكست مهارات عسكرية مكنتهم من قيادة الجيوش في أرض المعارك، وخوض غمارها وتحقيق النصر على الأعداء في عدد من الجبهات (?).
2 - الجهاد في سبيل الله: أعلن السلاجقة منذ بدايتهم دفاعهم عن الإسلام والذود عنه، فشكل الجهاد أساساً من الأسس المهمة في فكرهم العسكري، فقد قام جدهم الأول سلجوق - بعد اعتناقه وقبيلته الإسلام - بحماية المسلمين سكان المناطق المجاورة له من