- أهمية العامل الديني في شحن الأتباع: إن أكثر ما يثير حماس الإنسان ويؤثر على أحاسيسه وعواطفه عامل الدين, وقد استطاع أوربان الثاني توظيف هذا العامل إلى حد كبير في مشروعه الصليبي، كما أن الباطنيين وعلى رأسهم حسن الصباح استطاعوا تحميس أتباعهم ضد أهل الإسلام الصحيح، وعندما أخذت العقيدة الإسلامية مجراها في نفوس القادة والشعوب وعظمت مكانتها في نفوس المؤمنين، قاموا بجهاد عظيم وتضحيات كبرى، وأخذوا بفقه التمكين، وحققوا شروطه ومارسوا أسبابه واستوعبوا سننه، وقطعوا مراحله وطبقوا أهدافه، فانتصروا على التغلغل الباطني والغزو الصليبي, وسوف ترى في هذا الكتاب دور العلماء والفقهاء والقضاة والخطباء في تحميس المسلمين وإلهاب عواطفهم، وإحياء عقيدتهم, فمطلوب من علماء الأمة وفقهائها وخطبائها أن يقوموا بهذا الدور الكبير وأن يترفعوا عن حظوظ النفس وحطام العاجلة، وأن ينشغلوا بتربية الأمة على معاني الإيمان والتضحية والفداء والإخلاص لهذا الدين، ولا نريد من علماء الأمة أن يكونوا أكاديميين علاقتهم بالأمة من خلال الطلاب تنتهي مع درس الجامعة, وإنما نريدهم أن يتحقق فيهم قول الله تعالى: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122] وقول الله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ - وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ - فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ

ثَوَابِ الآَخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 146 - 148].

- أهمية الاتحاد والوحدة في التصدي للأخطار الداخلية والخارجية: في بداية الزحف الصليبي على بلاد الشام، تمزقت الكيانات السياسية الصغيرة، وحاولت أن تستنجد بالخليفة العباسي والسلطان السلجوقي؛ ولذلك كثرت الوفادات على بغداد دون فائدة، والمهم في هذا الدرس أن نعطي أولوية للجهات الفاعلة ومحاولة التحالف ثم الاتحاد معها, وكان يفترض على الخليفة العباسي أن يقوم بدوره المعنوي والمادي إلا أنه كان منزوع السلطات، ونلاحظ في حصار حلب -كما سوف يمر بنا في هذا الكتاب بإذن الله- أن المسلمين استطاعوا دحره عندما اتحدوا مع أهل الموصل، كما كان للتحالفات على مستوى الموصل وحلب ودمشق وغيرها من مدن الشام أثر كبير في صد الكثير من الهجمات الصليبية وتكبيدها الخسائر، فقد استطاع أهالي الشام مع أهل الموصل وديار بكر ومناطق الأكراد إيجاد حالة من التنسيق والتعاون والتحالف للحد من حالة التدهور المريع التي مرت بها بلاد الشام.

هذه بعض الدروس والعبر, والقارئ الكريم - بإذن الله تعالى- سوف يجد الكثير الكثير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015