في حياة الأمة بقوة, وتقليص نفوذ الفكر الشيعي خاصة بعد أن خرجت المؤلفات المناهضة له من هذه المدارس وكان الإمام الغزالي صاحب القدح المعلى في الوقوف أمام المد الشيعي الباطني الإسماعيلي, وقد مهدت المدارس النظامية بتراثها ورجالها وعلمائها السبيل ويسرته أمام نور الدين زنكي والأيوبيين كي يكملوا المسيرة التي من أجلها أنشئت النظاميات، وتتمثل في سيادة الإسلام الصحيح خاصة في المناطق التي كانت موطناً للنفوذ الباطني الرافضي في تلك المرحلة، كالشام ومصر وغيرها، كما أنها أمدت الأمة بالعقيدة الصحيحة والفكر الثاقب، والثقافة العميقة، والمناهج التربوية الرائدة التي أسهمت في تخريج قادة الجهاد في العهد الزنكي وامتد تأثيرها الفكري والعقائدي إلى الدولة الأيوبية والمماليك بل تعدى مداها الزمني إلى يومنا هذا.
وقد قامت المدارس النظامية على فقه الإمام الشافعي وتراثه في الأصول والفقه، كما كان لتراثه تأثير كبير في المدارس النظامية, ولذلك رأيت من المناسب أن نعرِّف بهذا الإمام الكبير، فذكرت شيئاً من سيرته، وأصوله في إثبات العقيدة، ومنهجه في إثباتها، كحقيقة الإيمان ودخول الأعمال في مسماه, وزيادة الإيمان ونقصانه، وحكم مرتكب الكبيرة، وتوحيد الألوهية، وطريقته في الاستدلال على وجود الله، وتوحيد الأسماء والصفات، وعقيدته في الصحابة وعناصر المنهج في فقه الإمام الشافعي, وعن توافر شروط المجدد في مجال الفقه وأصوله، كما ترجمت للإمام أبي الحسن الأشعري، فقد أسهم هذا الإمام بتراثه وأفكاره التي وضعها في كتبه في نشاط المدارس النظامية التي اعتمدت ما وصل إليه من بحوث في عقائد أهل السنة والردود على المعتزلة والمخالفين لأصول أهل السنة والجماعة, وقد بينت المراحل التي مرَّ بها وكيف استقر في المرحلة الثالثة على أصول منهج أهل السنة والجماعة، وتحدثت عن سر عظمة الأشعري في التاريخ ووضحت عقيدته التي يدين بها وآخر ما مات عليه من معتقد، وأثر تراثه في المدارس النظامية وكيف امتد ذلك التأثير في عهد الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، وتحدثت عن إنصاف ابن تيمية لأعلام الأشاعرة وثنائه على أبي الحسن الأشعري، وموقفه من الباقلاني والجويني والغزالي وأفردت مبحثاً عن أشهر علماء المدارس النظامية، كأبي إسحاق الشيرازي، وتكلمت عن مكانته وثناء الناس عليه ومؤلفاته وشيء من شعره، وترجمت لإمام الحرمين عبد الملك الجويني وأشرت إلى ثناء الناس عليه وأهم أخلاقه وصفاته، وذكرت القيمة العلمية لكتاب الإمام الجويني غياث الأمم، وعودته إلى مذهب السلف ورجوعه عن علم الكلام ونهيه أصحابه عنه, ومؤلفاته في العقيدة والفقه وأصوله والخلاف والجدل والسياسة، وترجمت للإمام الغزالي الذي كان من كبار الأساتذة في المدارس النظامية، وتحدثت عن اجتهاده في طلب العلم،
وملازمته إمام الحرمين، وتعيينه مدرساً على نظامية بغداد، وعن أسباب نبوغ الغزالي وشهرته والتحول الكبير الذي غير مجرى حياته وعودته للتصدي للتعليم، والترتيب الزمني لمؤلفاته، وموقفه من الشيعة الباطنية وموقفه من الفلاسفة والفلسفة وعلم الكلام والتصوف، ومنهجه الإصلاحي وصفات هذا المنهج، وتشخيصه لأمراض المجتمع، وتكلمت عن ميادين الإصلاح عنده، ووضع منهاج جديد للتربية والتعليم وبناء العقيدة الإسلامية وإحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونقد سلاطين الظلمة والدعوة للعدالة الاجتماعية، ومحاربة التيارات الفكرية المنحرفة، وأشرت إلى دوره في إصلاح الفكر، كدور العقل، ورفض التقليد، والدعوة إلى الكتاب والسنة, والالتزام بمنهج السلف, وعن موقفه من الاحتلال الصليبي، وترجمت للإمام البغوي وبينت جهوده في خدمة الكتاب والسنة في العهد السلجوقي وأثر كتبه في العلماء وطلاب العلم ونشر السنة، وتكلمت عن سيرة أبي إسماعيل الأنصاري الهروي، وكتابه منازل السائرين، ومكائد خصومه له، ولقد أوضحت من خلال دراسة المدارس النظامية أن البعد العقدي والفكري لا بد منه لأي مشروع سياسي أو عسكري أو حضاري يراد له النجاح في أوساط المسلمين وأن من عوامل نهوض الأمة أن تكون القيادة السياسية مبدعة في التفكير، وفي تحديد الأهداف صادقة في الانتماء لعقيدة الأمة ودينها وتاريخها وقادرة على توظيف الطاقات العلمية والفكرية وجميع الأمكانات وتحويلها من أعمال فردية إلى أعمال جماعية، عاملة على وحدة الصف ومحاربة الانشقاق، كما أن قدرة العلماء على النزول بأفكارهم وعلمهم إلى الجمهور الإسلامي العريض من عوامل نهوض الأمة.
وفي الفصل الخامس تحدثت عن الحروب الصليبية في العهد السلجوقي فتحدثت عن