والمصريون بتدمير وماردة وأشبونة وأراضيها، واستقر الحجازيون بالقواعد الداخلية (?).
وأما البربر فقد نزل أغلبهم بالأطراف الغربية في نواحي ماردة وبطليوس وأراضي البرتغال، ونواحي الثغر الأوسط شمالي طليطلة فيما وراء نهر التاجُه، وفي بعض أنحاء الثغر الأعلى، وفي قطاع قونقة والسهلة، ونزلت أقليات منهم بين القبائل العربية، بنواحي شاطبة ولقنت، وفي أحواز شذونة وأراضي الفرنتيرة (?). ويلاحظ من الناحية الإقليمية، أن القبائل العربية قد احتلت معظم البقاع والوديان الخصبة في شبه الجزيرة، وأن البربر نزلوا أو بعبارة أخرى أنزلوا بالعكس في معظم الأقاليم والهضاب القاحلة، ولم يحتلوا من البقاع الخصبة سوى القليل. وقد كان هذا التقسيم المجحف للأقاليم المفتوحة عاملا آخر في ازدياد الشقاق بين العنصرين الفاتحين - العرب والبربر -. وسنرى فيما بعد كيف كان استقرار البربر في تلك الأطراف الوعرة النائية، من العوامل التي شجعتهم على تحدي السلطة المركزية، ورفع لواء الثورة من آن لآخر.
وقد ذكرنا أن موسى بن نصير قبل رحيله إلى المشرق في شهر ذي الحجة سنة 95، اختار ولده عبد العزيز لولاية الأندلس، فكان أول ولاتها من المسلمين، وأنه استخلف ولده عبد الله في ولاية إفريقية، وأن سليمان بن عبد الملك أقر هذا الاختيار. فقضى عبد العزيز بن موسى في ولايته زهاء عامين عنى فيهما بتحصين الثغور، وقمع الخروج والعصيان، وافتتح عدة أماكن وحصون، وأبدى همة في تنظيم الحكومة الجديدة وإدارتها، وأنشأ ديوانا لتطبيق الأحكام الشرعية وتنسيقها، لتوافق مشارب الرعايا الجدد، ولتجمع حولها كلمة المسلمين من مختلف القبائل، وشجع الزواج بين العرب والإسبان، وتزوج هو بالملكة إيجلونا (?) أرملة ردريك ملك القوط، واختار في إشبيلية عاصمة، الأندلس