الجديدة، دير " سانتا روفينا " ليكون مقاما له ولزوجه، وفيه أجريت أول تعديلات على الطراز العربي، ووفد عليه المهاجرون من مصر والشأم والعراق وفارس، فأحيوا بالجزيرة سبل الزراعة والصناعة والتجارة. ولكنه لم يستطع أن يوفق بين مختلف القبائل، ولا أن يهدىء من فورة الجند. هذا إلى ما ثار من ريب حول مقاصده ونياته، بانقياده إلى زوجه، واتخاذه نوعاً من رسوم الملك، حتى قيل إنه تنصر، وقيل إنه كان يبغى الملك ويسعى إليه بتحريض زوجه، ويعمل للاستقلال بإسبانيا (?).

وهذا ما يراه المستشرق سيمونيت، إذ يقول إن عبد العزيز بن موسى كان يدبر مشروعا يرمي إلى الاستقلال بإسبانيا، والى أن يؤسس مملكة أو إمارة مستقلة فوق أنقاض المملكة القوطية، وقد كان مما يدفعه إلى هذا العزم، فضلا عن طموحه الشخصي، تحريض زوجه إيجلونا، التي كانت تضطرم رغبة في استرداد تاجها القديم، وأسباب أخرى تتعلق بالسياسة العليا. ولم يكن يخفى عليه أن سلطان خلفاء المشرق، غدا قاصراً عن أن يسيطر على هذا القطر الغربي، الذي كان سكانه الوطنيون أقل انحطاطا من الأمم الأخرى التي فتحها المسلمون، والذي كان يقدم إلى الفاتحين بعدده وحضارته مزية عظيمة (?). وبالرغم من أنه ليست لدينا أدلة حاسمة على مشروع عبد العزيز بن موسى في الاستقلال باسبانيا، فإنه يبدو ممكنا ومعقولا في الظروف التي كانت تجوزها اسبانيا يومئذ. وعلى أي حال، فإن خصومه شنوا عليه وعلى تصرفاته دعاية قوية انتهت بالثورة، فوثب به جماعه من الجند على رأسهم وزيره حبيب بن أبي عبدة الفهري، وقتلوه أثناء صلاته بأحد مساجد إشبيلية، وذلك في رجب سنة 97 (يناير 716 م)، وبعثوا برأسه إلى دمشق. ومن المرجح أن يد الخلافة لم تكن بعيدة عن هذه المؤامرة، وأن سليمان بن عبد الملك هو روحها والمحرض عليها، فمن المعقول أن يتوجس سليمان ريبة من عبد العزيز ومقاصده، بعد الذي أنزله بأبيه موسى، وأن يرى التخلص منه وسيلة لتأمين الخلافة على سلطانها في ذلك القطر الجديد. وفي اهتمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015