- 2 -
عنى الفاتحون عقب الفتح بتنظيم شئون الحكم والإدارة، فقسمت اسبانيا على ضوء تقسيمها القديم أيام الرومان والقوط، في المبدأ، إلى أربع ولايات كبيرة على رأس كل منها حاكم محلي يعينه الحاكم العام، ويُسئل أمامه مباشرة عن أعماله وشئون إدارته. أما حاكم الأندلس أو واليها العام، فكان تعيينه في المبدأ راجعا إلى حاكم إفريقية يختاره بموافقة الخليفة.
وكانت الولاية الأولى تشمل إقليم الأندلس، الممتد بين البحر المتوسط ونهر الوادي الكبير، وما يلي هذا النهر حتى نهر وادي أنة أو وادي يانة، وأشهر مدنها قرطبة، وإشبيلية، ومالقة، وإستجة، وجيان. وتشمل الثانية جميع اسبانيا الوسطى، من البحر المتوسط شرقا إلى حدود البرتغال غربا (لوزيتانيا)، ثم إلى نهر دويره (دورو) شمالا، وأشهر قواعدها طليطلة، على نهر تاجُه، وقونقة وشقوبية، وبلنسية، ودانية، ولقنت، وقرطاجنة، ومرسية، ولورقة، وبسطة. وتشمل الثالثة جليقية ولوزيتانيا (البرتغال القديمة)، وأشهر قواعدها ماردة، ويابرة، وباجة، وأشبونة، وقلمرية، ولك، وأسترقة، وشلمنقة وغيرها. وتمتد الرابعة من نهر دويره إلى جبال البرنيه (جبال البرت أو الممرات) على ضفتي نهر إبره (إيبرو)، وغربا إلى جليقية. وأشهر قواعدها سرقسطة، وطرطوشة، وطركونة، وبرشلونة، وأرقلة (أرجل)، وبلد الوليد، ووشقة، وببشتر وغيرها. ولما اتسع نطاق الفتوح الإسلامية شمالا، أنشئت ولاية خامسة شمالي جبال البرنيه شاملة لأربونة، ونيمة (أونومشو)، وقرقشونة، وبزييه، وأجده، وماجويلون (أو مقلون)، ولوديف (?).
ففي هذه الولايات والقواعد الجديدة تفرقت القبائل والعشائر المختلفة، فنزلت قبائل دمشق بكورة قرطبة، وحمص بإشبيلية ولبلة وأنحائهما، وقنسرين بجيان وأنحائها، وفلسطين بشذونة والجزيرة وريُّه ومالقة وأنحائها، وقبائل اليمن بطليطلة وأراضيها، ونزل الفرس بشريش وأحوازها، والعراقيون، بكورة إلبيرة (غرناطة).