الجديدة المجهولة التي افتتحوها (?). أو لعله خوف الوليد أن يفكر موسى بما عرف من طمعه ودهائه، في الاستقلال بذلك الملك الجديد النائي، وهو أفضل تعليل يقبله النقد الحديث ويرجحه. وربما كان من هذه البواعث أيضا ما بلغ الوليد عن وفرة الأموال والتحف التي اغتنمت من الأندلس، وخوفه أن تمتد إليها يد التبديد. ومهما كانت العوامل التي دفعت، الوليد إلى استدعاء فاتحي الأندلس، فلا ريب أنه كان خطراً على مستقبل الإسلام في اسبانيا. ذلك أن هذه الشراذم النصرانية الصغيرة التي نجت من المطاردة واعتصمت بصخور جليقية، لم تلبث أن نمت وقويت، وكانت منشأ المملكة النصرانية التي قامت في الشمال، ولبثت قرونا تكافح دولة الإسلام في اسبانيا حتى انتهت بالقضاء عليها.

وفي ذلك الحين كان عبد العزيز بن موسى قد افتتح منطقة الساحل الواقعة بين مالقة وبلنسية، وأخمد الثورة في إشبيلية وباجة، وافتتح لبلة وغيرها من المعاقل والحصون، وأبدى في معاملة البلاد المفتوحة كثيرا من الرفق والتسامح، والاعتدال في تطبيق الأحكام وفرض الضرائب. ولنا في معاهدته مع تيودمير خير شاهد باعتدال السياسة الإسلامية ولينها وتسامحها. وإليك نص هذه المعاهدة، حسبما نقله إلينا الغزيري في معجمه، نورده نموذجاً للوثائق السياسية الإسلامية في عصر الفتح:

" نسخة كتاب الصلح الذي كتبه عبد العزيز بن موسى لتدمير عبدوش - بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد العزيز إلى تدمير، أنه نزل على الصلح، وأنه له عهد الله وذمته أن لا ينزع عنه ملكه، ولا أحد من النصارى عن أملاكه. وأنهم لا يقتلون ولا يسبون، أولادهم ولا نساؤهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا تحترق كنائسهم ما تعبد ونصح، وأن الذي اشترط عليه أنه صالح على سبع مدائن، أوريوالة وبلنتلة ولقنت ومولة وبقسرّة وأنة ولورقة. وأنه لا يأوى لنا عدوا، ولا يخون لنا أمناً ولا يكتم خبرا علمه. وأنه عليه وعلى أصحابه دينارا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015