يؤكد ليوليان أنه لايقصد بالغزو سوى مجد الفتح وكسب الغنائم، وأنه لا ينوي إنشاء دولة مسلمة فيما وراء البحر. ونزل موسى على نصح الخليفة في اختبار الفتح الجديد بالسرايا، وبدأ مشروعه بمحاولة صغيرة، فجهز خمسمائة مقاتل بينهم مائة فارس، بقيادة ضابط من البربر يدعى طريف بن مالك، فعبروا البحر من سبتة في أربع سفن قدمها يوليان، إلى البقعة المقابلة التي سميت جزيرة طريف باسم قائد الحملة، وذلك في رمضان سنة إحدى وتسعين (يوليه سنة 710 م)، وجاست الحملة خلال الجزيرة الخضراء بإرشاد يوليان، فأصابت كثيراً من الغنائم، وقوبلت بالإكرام والترحيب، وشهدت كثيرا من دلائل خصب الجزيرة وغناها، ثم عادت في أمن وسلام، وقص قائدها على موسى نتائج رحلته، فاستبشر بالفوز، وجد في أهبة الفتح.
وفي شهر رجب سنة اثنتين وتسعين (إبريل سنة 711 م) جهز موسى جيشا من العرب والبربر يبلغ سبعة آلاف مقاتل بقيادة طارق بن زياد الليثي، وكان يومئذ حاكماً لطنجة كما قدمنا (?). ومن الغريب أن الرواية الإسلامية لا تحدثنا عن فاتح الأندلس بشىء قبل ولايته لطنجة، بل إنها لتختلف في أصله ونسبته، فقيل هو فارسي من همذان، كان مولى لموسى بن نصير، وقيل إنه من سبي البربر، وقيل أخيراً إنه بربري من بطن من بطون نفزة، وهذه فيما يظن أرجح رواية، وهي رواية يؤيدها صاحب البيان المغرب، بإيراد نسبة طارق مفصلة. ويبدو منها أن طارقاً تلقى الإسلام عن أبيه زياد عن جده عبد الله، وهو أول اسم عربي إسلامي في نسبته، ثم ينحدر مساق النسبة بعد ذلك خلال أسماء بربرية محضة حتى ينتهي إلى نفزة، وهي القبيلة التي ينتمي إليها (?).