وتقدم إلينا الرواية الإسلامية التي يسوقها الينا صاحب كتاب " الإمامة والسياسة " وصفا لشخص طارق خلاصته أنه كان " رجلا طويلا أشقر، بعينيه قبل أى حول وبيده شلل " (?). فإذا صحت هذه الرواية، فإنها يمكن أن تقدم إلينا دليلا آخر على انتماء طارق إلى الجنس البربري. فالبربر حسبما شهدنا من التجوال في بعض ربوعهم بالمغرب، يكثر بينهم الطول والشقرة.

وكان طارق جنديا عظيما ظهر في غزوات المغرب بفائق شجاعته وبراعته، وقدر موسى مواهبه ومقدرته واختاره لحكم طنجة وما يليها، وهي يومئذ أخطر بقاع المغرب الأقصى وأشدها اضطربا، ثم اختاره لفتح الأندلس. فعبر البحر من سبتة بحيشه تباعا في سفن يوليان القليلة، ونزل بالبقعة الصخرية المقابلة التي ما زالت تحمل اسمه إلى اليوم أعني جبل طارق، وذلك في يوم الإثنين الخامس من رجب سنة 92هـ (27 إبريل سنة 711 م) (?). واخترق طارق المنطقة المجاورة غرباً بمعاونة يوليان وإرشاده، وزحف على ولاية الجزيرة التي كان يحكها تيودومير القوطي عامل ردريك واحتل قلاعها، بعد أن هزم شراذم من القوط تصدت لوقفه. وبادر حكام الولايات المجاورة بإخطار بلاط طليطلة بالخطر الداهم. وكان ردريك يشتغل يومئذ بمحاربة بعض الخوارج في الولايات الشمالية، فهرع إلى طليطلة شاعراً بفداحة الخطر المحيق بعرشه وأمته، وبعث قائده إديكو لرد العدو حتى يستكمل أهبته. ولكن طارقا هزمه ثم اخترق بسائط " الفرنتيره " (?) معتزماً السير صوب عاصمة القوط.

وكان رُدريك أو رذريق أو لذريق كا يسميه العرب (?)، أميراً شجاعاً وافر المقدرة والعزم، ولكنه كان طاغية يثير بقسوته وصرامته حوله كثيراً من البغضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015