بعض التواريخ النصرانية المتأخرة، فيقول لنا ردريك الطليطلي، ولوقا التطيلي، إن الكونت يوليان كان حاكماً لسبتة، وهي يومئذ من أملاك العرش القوطي، وإنه كان رجلا شجاعاً، ولكنه كان مغامراً منتقماً، وإنه كان من أقارب الملك فامبا (?). ويقول لنا ألفونسو العاشر في تاريخه العام إن الكونت يوليان كان من أكابر الأشراف الذين يرجع أصلهم إلى القوط، وإنه كان قريبا للملك وتيزا (?). ولما نشب الخلاف الداخلي حول العرش، انضم الكونت إلى أنصار الحكم القديم وأنصار الملك وتيزا. وكان غنيا شديد البأس، كثير الأتباع والجند، يعتصم بالبحر، بعيداً عن سلطة العرش، ويقبض على مفتاح اسبانيا بحكمه لسبتة والمضيق. وكان من خصوم الحكم الجديد يخشى عواقبه على مركزه وسلطانه. فاتصل به إبنا وتيزا وباقي الزعماء الخوارج، واستقر الرأي على الاستنجاد بالعرب جيران الكونت، وهذا هو التعليل التاريخي للتحالف الذي عقد بين يوليان وموسى ابن نصير وانتهى بفتح العرب لإسبانيا. ولكن الرواية - والرواية الإسلامية بنوع خاص - تقدم إلينا تعليلا آخر، فتقول لنا إن يوليان كان يعمل بدافع الانتقام الشخصي أيضا. فقد كانت له إبنة رائعة الحسن تدعى فلورندا أوكابا، أرسلها إلى بلاط طليطلة جريا على رسوم ذلك العصر، لتتلقى ما يليق بها من التربية بين كرائم العقائل والفرسان، فاستهوى جمالها الفتان قلب ردريك فاغتصبها وانتهك عفافها. وعلم الكونت بذلك فاستقدم ابنته إليه وأقسم بالانتقام، ونزع ردريك ذلك العرش الذي اغتصبه. فلما نشبت الحرب الأهلية بين ردريك وخصومه، والتجأ هؤلاء الخصوم إليه، رأى الفرصة سانحة للعمل، ولم ير خيرا من الاستنصار بالعرب ومعاونتهم على فتح اسبانيا.

والرواية الإسلامية تجمع على قبول هذه القصة والأخذ بها، مع أخذها في الوقت نفسه بالعوامل السياسية التي ذكرناها (?). ولكن الرواية النصرانية تتردد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015