في قبولها، وتنكرها معظم الروايات الإسبانية الحديثة، وتعتبرها أسطورة صاغتها الأغاني والقصص القديمة. وهكذا نجد ماريانا وماسدي أعظم مؤرخي إسبانيا في مقدمة المنكرين لصحتها. ويذهب البعض الآخر مثل مونتيخار وغيره إلى أبعد من ذلك، فينكر شخصية الكونت يوليان ذاته، ويعتبرها شخصية خيالية، ويعتبر القصة كلها خرافة وأسطورة فقط (?). ويقول كوندي إن اسم كابا (فلورندا) ووصيفتها أليفا وكل أشخاص هذه الرواية تدل على أن القصة كلها إنما هي خرافة موريسكية (?) اشتقت من الأساطير والأغاني العامية التي كانت ذائعة بين المسلمين والنصارى (?).

ْوإنكار الرواية الإسبانية لمثل هذه القصة معقول ظاهر الحكمة، فهي تأبى الاعتراف بواقعة تسجل خيانة الوطن على نفر من زعماء اسبانيا الأوائل، وهي خيانة كان من أثرها أن افتتح العرب اسبانيا وحكمها الإسلام قروناً طويلة. على أننا نجد في القصة ما يبعث إلى إنكارها، فوقوعها ممكن معقول في مثل الظروف التي كانت تجوزها اسبانيا يومئذ، من خلاف في الرأي، وتنازع على السلطة، وانحلال أخلاقي واجتماعي. ولسنا من جهة أخرى نلمس في الرواية الإسلامية أثر الاختراع. فليس ثمة ما يدعو إليه. وليس من المعقول أن تخترع الرواية الإسلامية قصة مفادها أن المسلمين لقوا في فتح اسبانيا معاونة لم يتوقعوها، وأن هذه المعاونة سهلت لهم سبل الفتح، ولعلهم لم يقدموا بدونها على الاضطلاع به، أو لعلهم كانوا يتعرضون للإخفاق والفشل. هذا إلى أن بعض الروايات الإسبانية ْالقديمة، ومنها ما هو قريب من الفتح، يشترك مع الرواية العربية في سرد قصة فلورندا والأخذ بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015