جميعاً، وهدم جميع المعاقل والحصون الداخلية لكي يحطم سلطان خصومه ويجردهم من وسائل الدفاع والمقاومة، فلم يزدهم البطش والهزيمة إلا ظمأً إلى الخروج والثورة. وكان في مقدمة خصومه الذين يخشى بأسهم دوق تيودوفريد الذي نفاه أبوه الملك إجيكا إلى قرطبة، فزاد على ذلك أن سمل عينيه مبالغة في النكاية به، وحاول أن يفعل ذلك مع بلاجيوس ولد فافيلا دوق كانتابريا، ولكنه استطاع الفرار من نقمته (?). وكان الشعب من جهة أخرى يرزح أبداً تحت نير الجور والإرهاق، فكان عرش القوط يرتجف فوق بركان مضطرم من السخط. وتقول الرواية النصرانية إن الزعماء الناقمين انتهزوا فرصة اقتراب أسطول إسلامي من جنوب اسبانيا ورفعوا لواء الثورة، وإن وتيزا استطاع أن يرد هذا الأسطول وإن تيودومير قائد الأسطول القوطي هزم المسلمين في معركة بحرية كبيرة وذلك في سنة 708 م (?). وكان العرب كما قدمنا قد طوقوا أسوار سبتة معقل القوط في الضفة المقابلة من البحر، وأمد وتيزا حاكمها الكونت يوليان بأشجع جنده، فانتهز خصومه فرصة ضعفه في الداخل ليدبروا الثورة مرة أخرى. وقاد الثورة عندئذ زعيم جرىء هو رُدريك ابن دوق تيودوفرد الذي سمل وتيزا عيني أبيه، فكان يحفزه باعث الانتقام أيضا، وكان يتزعم حزباً قوياً، والتف حوله رجال الدين والأشراف والأسر الرومانية، فجمع جيشاً كبيراً ونادى بنفسه ملكاً. ووقعت بين الفريقين حرب أهلية شديدة. وهنا تختلف الرواية فيقال إن وتيزا قتل في هذا النضال وخلص الملك لمنافسه، وفي رواية أخرى أن ردريك ظفر به وسمل عينيه انتقاماً لأبيه، ويقال أيضاً إنه ارتد إلى إحدى الولايات الشمالية وامتنع بها حتى وفاته. ويختلف المؤرخون كذلك في تاريخ ولاية ردريك الملك، فيقول البعض، ومنهم ردريك الطليطلي، إنه تولى سنة 711 م، وحكم مع وتيزا قسما من اسبانيا، وإنه لما توفي وتيزا في سنة 713 م، استأثر بالحكم مدى