عن النصرانية التي اعتنقوها من قبل؛ وقرر أن ينزع أملاكهم في سائر الولايات الإسبانية، وأن تحول إلى جانب العرش، وأن يشردوا ويقضى عليهم بالرق الأبدي للنصارى، وأن يهبهم الملك عبيداً لمن شاء، وألا يسمح لهم باسترداد حرياتهم ما بقوا على اليهودية، وأن يحرر أرقاؤهم من النصارى ويمنحون بعض أملاكهم، وأن ينزع أبناؤهم منذ السابعة ويربون على دين النصرانية، وألا يتزوج عبد يهودي إلا بجارية نصرانية، ولا تتزوج يهودية إلا بنصراني (?). وهكذا عصفت يد البطش والمطاردة باليهود أيما عصف، فكانوا قبيل الفتح الإسلامي ضحية ظلم لا يطاق، وكانوا كباقي طوائف الشعب المهيضة يتوقون إلى الخلاص من هذا النير الجائر، ويرون في أولئك الفاتحين الذين يتركون لهم حرية الضمائر والشعائر مقابل جزية ضئيلة ملائكة منقذين (?).

هكذا كانت حال اسبانيا حينما افتتح العرب إفريقية واقتربوا من شواطىء الأندلس. وكان على عرش اسبانيا يومئذ الملك وتيزا (?) خلف الملك إجيكا وولده. وكان يحكم مملكة مزقها الخلاف وشعباً أضناه العسف. وتحمل بعض الروايات الإسبانية القديمة على وتيزا، وتصفه بأنه كان ملكاً خليعاً فاجراً، مغرقا في شهواته، وأنه كان على رأس بلاط منحل وضيع الخلال. ويقول البعض الآخر إنه كان بالعكس ملكاً فاضلا حسن السيرة، وافر الحكمة والعدالة، وإنه عمل على رد المظالم وإقامة العدل (?). والمرجح المتداول، أنه أحسن السيرة في بداية عهده، ورد إلى اليهود سابق حقوقهم وامتيازاتهم، ولكنه حاول أن يحد من سلطة الأشراف والأحبار، وأن يجمع السلطة في يد العرش، فسخط عليه الأشراف ورجال الدين، ودبروا لإسقاطه ثورة بعد ثورة؛ ولكنه أخمدها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015