عليه فيما يقال من أجل جارية نصرانية رائعة الحسن، كان يودعها لديه وقد أغراها الرميمى واستأثر بها، فسار إلى ألمرية لمعاقبته، وخشى الرميمى العاقبة فدبر مصرعه، ولجأ إلى الجريمة احتفاظاً بسلطانه. وكان مصرع ابن هود على هذا النحو في الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 635 هـ (21 يناير 1138 م) (?).
وهكذا توفى ابن هود وهو في ذروة سلطانه ومشاريعه، ولم تطل وثبته التي لبثت إلى الأندلس مدى لحظة قصيرة أملا خلباً، سوى بضعة أعوام، فانهارت بوفاته دولته التي لم يتح لها كثير من أسباب الاستقرار والتوطد (?).
وكان المتوكل بن هود أميراً شجاعاً، كريم الصفات، يضطرم إخلاصاً وغيرة للقضية التي نصب نفسه للاضطلاع بها، ولكنه لم يكن بصفاته وموارده كفؤا لتلك المهمة العظيمة، وكانت تعتور جهوده نفس المثالب القديمة التي كانت تصدع دائماً من جهود الزعماء الأندلسيين، والتي تتلخص في مصانعة النصارى، ومداراتهم، ومساومتهم على حساب المصالح القومية.
وعلى أثر وفاة ابن هود وانهيار دولته، بادر خايمى ملك أراجون بانتهاز الفرصة السانحة فغزا ولاية بلنسية. وكان قد استولى قبل ذلك بأعوام قلائل على الجزائر الشرقية (جزائر البليار) في سنة 627 - 632 هـ (1230 - 1235 م).
وكانت بلنسية، في الوقت الذي اضطرم فيه شرقى الأندلس بثورة ابن هود، ما تزال في أيدى الموحدين، ويحكمها واليها السيد أبو زيد عبد الرحمن بن محمد ابن يوسف بن عبد المؤمن. ولما استولى ابن هود على مرسية، خرج السيد أبو زيد في قواته لمحاربته، ولكنه ارتد مهزوما إلى بلنسية. فكان لذلك وقع عميق في بلنسية ذاتها، ونهض الشعب البلنسى ليحطم نير الموحدين، وشعر السيد أبو زيد بحرج الموقف، ونهض في نفس الوقت زعيم من آل مردنيش، زعماء بلنسية السابقين، هو الأمير أبو جميل زيان بن مردنيش، يحاول انتزاع السلطة، والتف حوله الشعب البلنسى، وعندئذ بادر السيد أبو زيد، وغادر بلنسية في أهله وأمواله والتجأ إلى أحد الحصون القريبة، ولكنه لما رأى تفاقم الموقف، اعتزم أمره