سار ملتجئاً إلى خايمى الأول ملك أراجون (626 هـ)، وعقد معه معاهدة تعهد فيها بأن يعطيه جزءاً من الحصون والأراضى الإسلامية التي يستردها أو يفتتحها، ثم زاد على ذلك، بأن اعتنق النصرانية، وانضم بكليته إلى أعداء أمته ودينه، وأخذ يسير مع حلفائه النصارى في غزواتهم المتوالية لأراضى بلنسية. وأخذ الملك خايمى يستولى تباعا على حصون بلنسية الأمامية، ثم هزم البلنسيين، بقيادة أميرهم زيان، هزيمة شديدة في موقعة أنيشة (ذى الحجة 634 - أغسطس 1237). ولم تمض على ذلك أشهر قلائل، حتى سار خايمى في قواته صوب بلنسية وضرب حولها الحصار (رمضان 635 هـ)، وأخذ يضربها بالآلات المخربة. ودافع البلنسيون عن مدينتهم أشد دفاع، وبعث الأمير أبو جميل كاتبه الفقيه الشاعر المؤرخ، ابن الأبار القضاعى بصريخه سفيراً إلى الأمير أبي زكريا الحفصى عاهل إفريقية، وألقى ابن الأبار بين يديه قصيدته السينية الرائعة التي نشير إليها فيما بعد، وبعث الأمير أبو زكريا عدة من السفن محملة بالعتاد والأموال إنجادا للمدينة المحصورة ولكنها لم تستطع اختراق الحصار، واضطر البلنسيون آخر الأمر إلى التسليم بعد أن استنفذوا كل وسائل الدفاع، وسقطت بلنسية في أيدى الأرجونيين، وذلك في اليوم السابع والعشرين من شهر صفر سنة 636 هـ (9 أكتوبر سنة 1238 م) (?)، وانهارت بذلك سائر خطط الدفاع عن شرقى الأندلس. وأتبع خايمى فتح بلنسية بالاستيلاء على شاطبة ودانية ولقنت وأوريولة وقرطاجنة، وذلك في سنة 641 - 644 هـ. وأما ولاية مرسية فقد استولى عليها في البداية الأمير أبو جميل زيان، عقب فقده لبلنسية، ولكن الزعماء المحليين آثروا الانضواء تحت حماية ملك قشتالة، فتقدموا إليه يلتمسون مهادنته ومحالفته على الوضع المأثور، وهو أن يسمح لهم باستبقاء مدنهم في طاعته وتحت حمايته، فأجابهم فرناندو ملك قشتالة إلى ملتمسهم، وبعث إليهم ولده ألفونسو. ودخل النصارى مرسية صلحاً سنة 640 هـ (1243 م). وبذلك سقطت ولاية بلنسية ومرسية وشرقى الأندلس كله في أيدى النصارى في أعوام قلائل فقط، وكانت نفس المأساة تتكرر في ذلك الوقت نفسه، بصورها وأوضاعها المحزنة، في غربي الأندلس حسبما نفصل بعد (?).