زيان زعيم بلنسية لمعاونته ضد خايمى (?) ملك أراجون، الذي اشتد في مناوأته وإرهاقه؛ ولاح له أن السير إلى بلنسية التي كان يطمح إلى امتلاكها أيسر وأجدى، فترك قرطبة لمصيرها، مؤملا أن يصمد أهلها للدفاع عنها، أو يستطيع إنقاذها فيما بعد. ولبث النصارى على حصار قرطبة بضعة أشهر، ودافع القرطبيون عن مدينتهم وعن دينهم وحرياتهم، أعنف دفاع وأروعه، ولكنهم اضطروا في النهاية، وبعد أن أرهقهم الحصار، وفقدوا كل أمل في الغوث والإنقاذ، إلى التسليم. ودخل القشتاليون قرطبة في 23 شوال سنة 633 هـ (29 يونيه سنة 1236 م)، وفي الحال حولوا مسجدها الجامع إلى كنيسة (?). وقد كان هذا شعارهم كلما دخلوا قاعدة أندلسية، وذلك إيذاناً بظفر النصرانية على الإسلام. وكان لسقوط العاصمة الخلافية التالدة، أعظم وقع في الأندلس وفي سائر جنبات العالم الإسلامى، وكان ضربة مميتة أخرى صوبتها اسبانيا النصرانية، إلى قلب الأندلس المفككة المنهوكة القوى (?).

ولم يلبث ابن هود أن توفى بعد ذلك بقليل في أوائل سنة 635 هـ (1237 م). وكانت وفاته في ثغر ألمرية، في ظروف غامضة. وكان قد سار إليها معتزماً أن ينقل بعض قواته في البحر لإنجاد أمير بلنسية، فقيل إن وزيره ونائبه في ألمرية أبا عبد الله محمد بن عبد الله الرميمى استضافه في قصره، ودبر قتله غيلة، وزعم في اليوم التالى أنه توفى مصروعاً. وكان الرميمى قد قام بدعوته في ألمرية ووفد عليه في مرسية، فقدر ابن هود عونه، وولاه وزارته وعينه حاكماً لألمرية، ثم تغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015