اجتمعوا منذ مقتل زعيمهم كسيلة، في مفاوز المغرب الأقصى، تحت لواء امرأة من قبيلة جراوة يعتقدون فيها السحر والكهانة وتعرف بالكاهنة (?)، وكانت تقيم ملكها في جبل أوراس. فسار حسان لقتالها وخرجت اليه بجموعها، فالتقيا عند نهر نيني، ونشبت بينهما موقعة هائلة هزم فيها العرب هزيمة شديدة، وقتل منهم جمع كبير، وارتد حسان إلى برقة. وسارت الكاهنة شرقا حتى قابس واستولت على كثير من البلاد والحصون، وبسطت سلطانها على معظم إفريقية مدى خمسة أعوام. ولبث حسان في برقة حتى أمده عبد الملك بالجند، فزحف على المغرب ثانية سنة 79هـ (698 م)، ولم تر الكاهنة وسيلة لوقفه إلا أن تحول البلاد إلى خراب بلقع، فهدمت جميع المدن والحصون، وأحرقت جميع القرى والضياع الواقعة في طريق المسلمين، ولكن ذلك لم يثن حسانا عن عزمه، فتابع سيره حتى أقاصي المغرب في وهاد ومفاوز صعبة. وكان البربر قد سئموا نير الكاهنة وعسفها، فهرع الكثير منهم إلى حسان يطلبون حمايته، وتفرقت جموع الكاهنة، وأدركها المسلمون بجبل أوراس فمزقت جموعها وقتلت. واستأمن البربر على الإسلام والطاعة، وأن يمدوا المسلمن باثنى عشر ألف مقاتل. وولى حسان جبل أوراس ابنَ الكاهنة بعد أن استوثق من طاعته، ثم عاد إلى القيروان بعد أن محق كل مقاومة وقضى على كل نزعة إلى الخروج والثورة (?).
ولبث حسان بن النعمان بإفريقية حينا، ينظم شؤونها العسكرية والإدارية
والمالية، وينشئ الدواوين ويرتب الخراج والجزية، ويوطد سلطان الحكم الجديد
في الثغور والنواحى. ثم جدد مدينة القيروان وأنشأ بها المسجد الجامع (?)، ولبث