في منصبه حتى توفي عبد الملك بن مروان سنة 86هـ (705 م) فخلفه ابنه الوليد بعهد منه، وولى عمه عبد الله بن مروان على مصر، فعزل حسانا عن ولاية إفريقية، واختار لولايتها موسى بن نصير اللخمي، وكانت إفريقية تابعة لمصر في شؤون الحكم والولاية كما بينا. وكانت ولاية موسى بن نصير لإفريقية سنة 89هـ (708 م).
ويجب قبل أن نمضي في الكلام عن حوادث إفريقية، أن نقول كلمة عن الرجل الذي قدر أن يجوز الإسلام على يديه لأول مرة إلى القارة الأوربية، وأن يكتب فيها صفحة من أمجد صفحاته. كان موسى بن نصير من أعظم الزعماء والقادة الذين وجهتهم الخلافة إلى الغرب. ومع أن الرواية الإسلامية تتبع حياته بإفاضة منذ ولايته لحكم إفريقية، فإنها لا تقدم إلينا عن نشأته وحياته الأولى تفاصيل شافية، شأنها نحو كثير من زعماء الإسلام في القرن الأول من الهجرة. بيد أننا نعرف مع ذلك أنه من التابعين، وأنه ولد سنة 19هـ في خلافة أمير المؤمنين عمر، في قرية من قرى الجزيرة، أو بوادي القرى في شمالي الحجاز على قول آخر. وأما عن نسبته، فتقول الرواية إنه ينتسب إلى بكر بن وائل، وان أباه نصيرا كان ممن سباهم خالد بن الوليد في موقعة عين التمر (سنة 12هـ) (?). وقيل إنه ينتسب بطريق الولاء إلى بني لخم، وان أباه نصيراً كان على حرس معاوية بن أبي سفيان. ثم كان وصيفا لعبد العزيز بن مروان فأعتقه (?).
وأما عن حياة موسى الأولى فلا تذكر الرواية سوى القليل. وكل ما نعرفه منها أنه تقلب في بعض المناصب الحربية والإدارية الهامة، قبل أن يعهد إليه بحكم إفريقية، وأنه قاد بعض الحملات البحرية في عصر معاوية بن أبي سفيان، وغزا قبرص وغيرها من الجزر القريبة (?). وفي بعض الروايات أن عبد الملك بن مروان حينما ولى أخاه بشرا على البصرة في سنة 73هـ، وكيان يتولى قيادة الجند