أنشأ مدينة القَيرُوان لتكون عاصمة للولاية الإسلامية الجديدة، وحصنا للدفاع عنها، وقاعدة لرد الروم والبربر.

ولم يمض قليل على قيام عقبة بذلك الفتح الكبير, حتى عزله والي مصر مسلمة بن مخلد الذي جمع له معاوية بين حكم مصر والمغرب (?)، وولى مكانه على إفريقية أبا المهاجر الأنصاري، فلبث في ولايتها عدة أعوام لم تقع فيها حوادث تذكر. ثم عزل أبو المهاجر وأعيد عقبة سنة 62هـ في بدء خلافة يزيد بن معاوية. وكانت البلاد المفتوحة ما تزال تضطرم بعوامل الخروج والثورة. وكان الروم والبربر كلاهما يترقب الفرص، ولكن عقبة شغل عن توطيد الدولة الفتية بفتوحات جديدة، وعاد فاخترق المغرب إلى أقصاه، ووصل إلى ساحل المحيط هذه المرة. وهنا تقول الرواية العربية، إن عقبة لما انتهي إلى المحيط دفع فرسه إلى الماء حتى بلغ نحره، ثم قال: " اللهم إني أشهدك أن لا مجاز، ولو وجدت مجازا لجزت " (?).

ففي ذلك الحين ثار البربر بقيادة زعيم لهم يدعى كسيلة بن لمزم (?) كان قد اعتنق الإسلام وحالف العرب ثم تغير عليهم، وانضمت إليه جموع كثيرة من الروم والبربر، وانتهز فرصة تفرق المسلمين في مختلف الأنحاء، وانقض بجموعه على جيش عقبة، ووقعت بين الفريقين معارك شديدة هزم فيها المسلمون، وقتل عقبة وجماعة من القادة (سنة 62هـ) وزحف كسيلة على القيروان واستولى عليها، وارتد حاكمها زهير بن قيس البلوي بقواته القليلة إلى برقة، وكادت بذلك تذهب دولة العرب في إفريقية.

ولما تولى الخلافة عبد الملك بن مروان (سنة 65 هـ) اعتزم أن يعمل لاستعادة إفريقية، فولى عليها زهير بن قيس البلوي، وكان منذ سقوط القيروان يتولى الدفاع عن برقة، وأمده بجيش ضخم، فزحف زهير على القيروان سنة 69 هـ (688 م) والتقى على مقربة منها بجيش كسيلة، فهزم البربر بعد معركة شديدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015