الإمبراطوري، وهكذا قدر لها أن تكون منشئة الإمبراطورية الإسلامية الكبرى. وما كادت تستقر الأمور الداخلية، حتى نشطت سياسة الفتح مرة أخرى. وكانت الخلافة في نفس الوقت الذي تسير فيه جيوشها نحو الشمال وتقترب من عاصمة الدولة الشرقية، تتجه ببصرها نحو الغرب، حيث كانت فتوحها في إفريقية ما تزال بحاجة إلى التوسع والتوطد. وهكذا وجه معاوية عنايته إلى إتمام فتح إفريقية. وكان الروم قد عادوا إلى الأرض المفتوحة عقب انسحاب العرب، فعاد إلها الجور والإرهاق، وأثقل كاهل البربر بما فرض عليهم من الأعباء والمغارم الجديدة، فاتصل زعماؤهم بالعرب واستحثوهم إلى العود واستئناف الفتح. ففي سنة 45هـ (665 م) سار معاوية بن حُديج التجيبي (?) إلى إفريقية وهزم الروم عند حصن الأجم، وتفرق الغزاة في مختلف الأنحاء، فسار عبد الله ابن الزبير إلى سوسة وافتتحها، وافتتح عبد الله بن مروان حصن جالولاء، وافتتحت عدة أخرى من البلاد والحصون.
وفي سنة خمسين (670 م) (?) قام العرب بأعظم فتح في إفريقية بقيادة عقبة ابن نافع الفهري. وكان عقبة جندياً عظيماً، خبيراً بتلك الأنحاء والمسالك، وكان يتولى قيادة حامية برقة منذ فتحها، فاختاره الخليفة (معاوية) لولاية إفريقية، وبعث إليه بعشرة آلاف مقاتل ليتم فتحها. فجاز عقبة وهاد برقة، وتوغل غربا حتى المغرب الأقصى، وافتتح جميع العواصم والثغور الإفريقية تباعاً، وهزم جيوش الروم والبربر في مواقع عديدة، وتوغل في مفاوز المغرب الأقصى، ثم