الرومانية الشرقية؛ ولما غزت القبائل الجرمانية رومة واستولت على معظم أقطار الدولة الرومانية الغربية، نفذ الوندال إلى غاليا أو غاليس (جنوبي فرنسا) ثم إلى اسبانيا، واستقر الوندال حيناً في جنوبي اسبانيا في ولايات الأندلس، التي سميت يومئذ باسمهم " فانداليتا " Vandalita أو فاندلوسيا Vandalusia أى بلد الوندال (?).
وكان البربر أو سكان إفريقية، قبل الفتح الروماني، يدينون بالوثنية، ولكن رومة استطاعت منذ أوائل القرن الرابع، أن تفرض النصرانية على معظم القبائل. ويقول لنا ابن خلدون من جهة أخرى، إن القبائل البربرية كانت وقت الفتح الإسلامي تدين باليهودية، وإنهم تلقوها منذ أقدم العصور عن بني إسرائيل عند استفحال ملكهم لقرب الشام وسلطانه منهم، وكان من هؤلاء قبائل جبل أوراس وملكتهم الكاهنة (?). وكان الفتح الروماني شديد الوطأة على القبائل المغلوبة، وكانت النظم الإدارية والمالية التي فرضتها عليهم رومة غاية في التعسف والشطط، مع ما يقترن بها من اقتضاء الضرائب والمغارم الفادحة، فكان البربر يتوقون إلى التخلص من نيرها، وقد نزعوا فعلا إلى الثورة في عهد الإمبراطور تيودوسيوس في أواخر القرن الرابع، ونادوا بأحد زعمائهم ملكاً عليهم، ولكن الثورة أخفقت وأخمدت. ولما انتقلت إفريقية إلى سلطان قسطنطينية بعد سقوط رومة، كانت قد اضمحلت ثروتها، واضطربت نظمها، ومزقتها الخلافات الدينية، وضعف سلطان الدولة عليها، وكثر الخوارج من الحكام والزعماء المحليين. وفي أوائل القرن الخامس، عبر الوندال البحر من اسبانيا إلى إفريقية، بقيادة ملكهم جنسريك، وافتتحوها في سنة 429 م، وعاونهم البربر (?) حباً في التخلص من ْنير رومة. ولكن الوندال عاثوا في إفريقية أيما عيث، وخربوا المدن والمنشآت