واتخذوه في كافة أحوالكم مستنداً ومعتمداً، وعلى كل من إلى نظركم من أهل تلك البلاد المنتظمة في سلك التوحيد، الآخذة بالمذهب الرشيد، عون الأمير - أيده الله تعالى - على بسط العدل وإفاضته على الكل، ورفع العبد المثقل، وكل أن يسلكوا في جميع تصرفاتهم سبيل الاستقامة، ويستمروا على استعمال الحقائق والمواصلة لذلك والاستدامة، ويتجافوا عن مواقع الظلم، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وينقادوا للواجبات بداراً إليها وإسراعاً، ويكونوا في التساعد على الصلاح كالنفس الواحدة تألفاً واجتماعاً.
ولما كان هذا الأمر عندنا - وفقكم الله تعالى - أهم أمر وأوجبه، وأحق ما أدناه الحق وقر به، وكان اهتمامنا به، قد جعله على كل حالة مقدماً، وأنفذه بأمر الله تعالى إنفاذاً ملتزماً، رأينا أن نجعل في كتابنا هذا علامة بخط يدنا، وها هي قد رفعت الإشكال رفعاً بيناً، وأرتكم فرط اهتبالنا حقاً مبيناً، فبادروا إلى تلقيها بالامتثال والمسارعة، وصلوا ابتدار شأنها بالمواصلة والمتابعة، وأحضروا للاجتماع على هذا الكتاب جميع من في تلكم البلاد من الطلبة والعمال وكافة المقدمين للأعمال، ولا تقدموا أمراً من الأمور على إنفاذ جميع ما تضمنه، والاعتمال بكل ما شرحه وبينه، ولا تشتغلوا بشغل قبل الاشتغال بمعانيه، وبما أمركم به على قواعده ومبانيه، ومخاطبتنا بما يكون منكم في تلقيه، واتباع ما ينهيه إليكم ويلقيه، واقرأوه على الكافة أعالى المنابر، واستحضروا له وفود القبائل من البوادي والحواضر، وأسمعوا به افصاحاً وإعلاناً، وأشربوه قلوب الناس جماعات ووحداناً، وأحسنوا إيصال أغراضه إليهم، فإن الله تعالى يجزي الإحسان إحساناً.
فإذا تفرغتم من قراءته على الجماهير وبلغتم صحته بواجب التبليغ والتقرير، فاكتبوا منه نسخاً إلى كل قبيلة من قبائل ذلك النظر، وكل كورة من تلك الكور، وأكدوا عليهم فيما أكدنا عليكم فيه من تقديم العمل فيه على كل الوجوه، وامتثال مغنمه، على ما يحبه الله تعالى ويرتضيه، وحذروهم من التعرض لمخالفته، فلا عذر لمن لا يقصده على الفور ويأتيه، ونحن بمرصد التطلع والتسمع لما يكون منكم ومنهم، لنقابل بالواجب ما يصدر عنكم وعنهم.
وقد علم الله تعالى أن غرضنا بجميع المسلمين إشفاق وحنان، وجانبنا لهم دعة مستمرة وأمان، ولدينا من التراؤف بهم والرفق بجانبهم، شأن لا يفارقه من فضل الله تعالى شأن، وقد علمتم ذلك منا واختبرتموه، وجربتموه على مر الزمان