وصبرتموه، فلتتلقوا كل من استرعاكم الله تعالى أمره بكل طلاقة ويسر، ولتنشروا عليهم جناح الرحمة أكمل نشر، ولتعلموا - رعاكم الله - ان من شملته كلمة التوحيد، في العهد القريب أو البعيد، في مضمار واحد من العدل محمولون، وأنكم عن كل من هنالك مسئولون، ولفظ الموحدين بيننا وبينهم جميعاً، والحق يسلك بينهم من التناصف مسلكاً مشروعاً، وقد ألفت الكلمة العلية بينهم، فبعضهم لبعض في الخير أسوة، وقد قال الله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " فاعتقدوا فيهم هذا الاعتقاد الجميل، قصداً إلى مرضاة الله تعالى وإيقاناً، وكونوا عباد الله إخواناً، وحسنوا بهم - رعاكم الله - ظناً، وعودوهم الخبر لفظاً ومعنى، وتخلقوا معهم بمحاسن الأخلاق، وقولوا للناس حسناً، واستألفوا الناس بالتي هي أحسن، وابذلوا لهم من المساعدة في ذات الله تعالى غاية ما يتمكن، وانهجوا لهم من المبرات منهجاً يبدو به مضمركم الجميل ويتبين، وسروا بصالح عملكم وبشروا ويسروا - كما قال عليه الصلاة والسلام - ولا تعسروا وسكِّنوا، ولا تُنفِّروا.
واعلموا أن السعي في هذا الغرض واجب، والاعتمال في رفع ذلك المانع الحاجب، لا يتأتى لكم جملة واحدة، حتى تكون نفوسكم متآلفة عليه متساعدة، ْوتعاونوا على مرضاة الله تعالى تعاوناً يجمع في الصلاح آراؤكم، ويضمن التجمع التام لكم ولمن وراءكم، فعليكم بالمظافرة، والمناصرة والمؤازرة، فهي سواعد السعد وقواعد الود، وشيم الكرام المحافظين للعهد، وبها يعمر محل الرضا ونديه، وبه أوصى الله تعالى ورسوله ومهديه.
وقد نصحنا لكم فاقبلوها نصيحة، قصدت في ذات الله تعالى قصدها، وذكرنا لكم بهذه التذكرة، فاستقبلوها رشدها، ونبهناكم تنبيهاً بالغاً وللحال ما بعدها، جعلنا الله وإياكم ممن امتثل أمره المطاع بخالص نيته، وأفرغ الرحمة على قالب سجيته، وحفظ ما استرعاه الله تعالى، فكل راع مسئول عن رعيته.
وكان مما بعثنا - وفقكم الله تعالى - على تنبيهكم وإذكاركم، وإيقاظكم للنظر في تلك المصالح وإشعاركم، ما ألفيناه بحضرة مراكش - حرسها الله تعالى - من بعض تلك الأنواع، مما أحدثه فيها بعض أهل الابتداع، كنوع القبالة، وما يجري مجراها في وجوب الإزالة، والإحالة، فإنا كنا لا نبحث عن ذلك، لتخيلنا أنه لا يجرؤ أحد أن يسلك في هذا الأمر الذي أظهره الله تعالى تلك المسالك، فلما كان الحث