الموحدية. ويجري فيه ابن عذارى على طريقته أحياناً من تصنيف روايته إلى فصول، وأحياناً إلى حوليات سنوية. ثم هو يجري أيضاً في أسلوبه على طريقته من إلتزام الحيدة في إيراد الحوادث وتقديم الأشخاص، وعدم التورط في المديح أو الذم، ويترك هذه المهمة في الإشادة أو الانتقاص، لمن ينقل عنهم من مؤرخي الدولة الموحدية. ومن أهم مميزات هذا القسم من " البيان المغرب " ما ينقله إلينا ابن عذارى خلال روايته، من شذور عديدة من المعاصرين من مؤرخي الدولة الموحدية، ولاسيما ابن صاحب الصلاة، حيث ينقل إلينا الكثير من " السفر الثالث " من كتاب " المن بالإمامة ". وهو الجزء المفقود من هذا المؤلف حسبما أشرنا إلى ذلك من قبل (?).
هذا، وفضلا عن ذلك، فقد انتفعنا من تراث ابن عذارى بقطعة مخطوطة من أربع وخمسين لوحة، عن أصل دولة المرابطين، وولاية يوسف بن تاشفين وفتوحه في المغرب، ودخول المرابطين بلنسية، وأخبار علي بن يوسف، وقصة إحراق كتاب الإحياء، وولاية تاشفين بن علي، وغزوة ألفونسو المحارب، وغير ذلك. وكان المرحوم الأستاذ ليفي بروفنسال قد عثر بهذه القطعة بين أضابير مكتبة جامع القرويين بفاس، ونشر منها بعض شذور، عن بعض الوقائع الهامة التي وردت فيها، ثم نشرها أخيراً بنصها الكامل الأستاذ هويثي ميرانده في مجلة هسبيرس تمودا في عدد سنة 1961م.
وكان من حسن الحظ أننا عثرنا خلال بحثنا في " خروم " (دشت) مكتبة جامع القرويين بفاس، بأربع صفحات كبيرة من كتاب " البيان المغرب " تتناول حوادث سني 511 هـ إلى 514 هـ، وفيها تفاصيل هامة عن سقوط سرقسطة في يد ألفونسو الأرجوني (512 هـ)، وعن موقعة كتندة، وعن ثورة قرطبة ضد المرابطين (514 هـ)، وتفاصيل أخرى. وكان اختفاء هذه الصفحات يكون ثغرة في مجموعة الأوراق المخطوطة المتقدمة، التي عثر بها الأستاذ بروفنسال، فجاء عثورنا عليها متمماً لهذه المجموعة المتناثرة من كتاب البيان المغرب.