وانتفعنا كذلك ببضعة أوراق مخطوطة من كتاب " صلة الصلة " لابن الزبير، وهي أيضاً من محتويات " خروم " مكتبة القرويين.
أما عن حياة ابن عذارى، وأصله ونشأته، فلسنا نعرف الكثير، وكل ما نعرفه أنه يسمى أبو عبد الله محمد المراكشي، وأنه قد عاش في أواخر القرن السابع الهجري، في بداية دولة بني مرين، وفي بداية القرن الثامن، وقد كان لهذا الظرف الزمني بلا ريب تأثير كبير، فيما يلتزمه في روايته عن تاريخ الموحدين، من الحيدة، وضبط النفس، وعدم التورط في عبارات الملق، التي يكثر منها مؤرخون مثل ابن صاحب الصلاة، وابن القطان.
الرسائل المرابطية
إن مصادر العصر المرابطي التي بين أيدينا، وفي مقدمتها البيان المغرب، وروض القرطاس، والحلل الموشية، ينقصها الكثير مما يلقي ضياء حقيقياً على أحوال الدولة المرابطية ونظمها وخواصها، وعلى اتجاهات السياسة المرابطية الدينية والسياسية، سواء بالمغرب، أو الأندلس. بيد أنه كان من حسن الطالع، أننا وقفنا خلال بحوثنا بمكتبة الإسكوريال على طائفة عديدة من الرسائل والوثائق المرابطية، التي تسد فراغاً كبيراً في هذا الميدان، وتلقي أضواء كثيرة على خواص الدولة المرابطية ونظمها وسياستها، هذا فضلا عما تلقيه من أضواء على طائفة كبيرة من الأحداث العسكرية الأندلسية الهامة التي وقعت خلال العصر المرابطي.
وتجتمع هذه الرسائل أولا في المخطوطين رقم 488 ورقم 538، من فهرس الغزيري، وثانياً في المخطوط رقم 519 الغزيري، وثالثاً في مجموعة أخرى يضمها مخطوط معهد الدراسات الإسلامية بمدريد.
وأهم هذه الرسائل فيما يختص بالعصر المرابطي، هو المجموعة التي يضمها المخطوط الأول، وهو رقم 488، وهو مخطوط قديم مبتور الآخر وليس له عنوان كل معين، ولكن جاء في الورقة الأولى منه ما يأتي: " جمع هذا الكتاب قصائد كثيرة لعلماء يطول تفسير أسمائهم، للفتح بن خاقان، ولابن عبد الصمد، وللبستي، ولابن عمار، وابن اللبانة، وابن زيدون، وابن حبيب .. ورسائل شتى ورحلة ابن جبير، ونسخة بيعة والسلام ". على أن أهم ما يحتويه المخطوط هو خمس رسائل، كتبت عن أهم الأحداث العسكرية التي وقعت بالأندلس أيام