أوفر أمراء الطوائف عناية بالحركة الأدبية وإمدادها بالبذل الوفير (?). ولم يكن يجاريهم في ذلك أي بلاط آخر من قصور الطوائف.

وكان بنو الأفطس، ملوك بطليوس، كذلك من حماة الشعر والأدب،

وكان بلاطهم ولاسيما في عهد عميدهم المظفر، وولده عمر المتوكل، ملاذاً لطائفة من أعظم شعراء العصر، وفي مقدمتهم وزيرهم الشاعر والكاتب الكبير أبو محمد عبد المجيد بن عبدون المتوفى سنة 520 هـ (1126 م)، وبنو القبطرنة الثلاثة أبو بكر وأبو محمد وأبو الحسن أبناء عبد العزيز البطليوسي، وقد كانوا أيضاً من وزراء بني الأفطس، ومن شعرائهم المجيدين. وقد ذكرهم ابن بسام في الذخيرة ووصفهم بأنهم من " أسرة أصالة، وبيت جلالة، أخذوا العلم أولا عن آخر، وورثوه كابراً عن كابر، ثلاثة كهقعة الجوزاء، وان أربوا عن الشهر في السنا والسناء " ووصفهم ابن الخطيب بأنهم " كانوا عيوناً من عيون الأدب بالأندلس، ممن اشتهروا بالظرف والشرف والجلالة ". وقد برع ثلاثتهم في النظم والكتابة، وكتبوا بعد بني الأفطس لعاهل لمتونة، يوسف بن تاشفين. ومن نظم أبي محمد قوله:

هلم إلى روضنا يا زهـ ... ـير ولح في سماء المنى يا قمر

وفوِّق إلى الأنس سهم الأخا ... ء فقد عطلت قوسه والوتر

إذا لم تكن عندنا حاضرا ... فما يغصون الأماني ثمر

وقعتَ من القلب وقع المنى ... وحُزت من العين حسن الحَوَر

ومن شعر أبى بكر قوله:

ْيا أخي قم تر النسيم عليلا ... باكر الروض والمدام شمولا

في رياض تعانق الزهر فيها ... مثل ما عانق الخليل خليلا

لا تنم واغتنم مسرة يوم ... إن تحت التراب نوماً طويلا (?)

وأما ابن عبدون فقد اشتهر بالأخص بمرثيته الشهيرة لبني الأفطس عقب ذهاب دولتهم، وهي قصيدته المعروفة " بالعبدونية "، وقد أتينا على ذكرها فيما تقدم. ويصفها الأستاذ نكل بأنها " مزيج مدهش من الشعور العميق، والمتانة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015