الجود. أما المعتمد بن عباد فقد كان بلا ريب من أعظم شعراء عصر الطوائف، إن لم يكن أعظمهم جميعاً. ويرى الأستاذ نكل أنه " أبرز ممثل للشعراء الأندلسيين العرب في النصف الثاني للقرن الحادي عشر " وأنه " يتزعم هذا العصر بشخصيته المتسمة بالفروسية، ويعتبر أسطع نجم في باقة النجوم الكبرى لملوك الطوائف الآخرين " (?). وقد ترك لنا المعتمد بنوع خاص طائفة من أروع القصائد التي نظمها أيام مجده، ثم بعد ذلك خلال محنته. في التلهف على ماضيه والبكاء على مصيره، وقد أوردنا فيما تقدم مقتطفات من شعره، في مختلف المناسبات والأحداث.

وكان بنو عباد فضلا عن مواهبهم الأدبية والشعرية الرفيعة، يجمعون في بلاطهم، وهو أزهى قصور الطوائف في هذا المضمار. جمهرة من أكابر شعراء العصر وكتابه، سواء برسم الوزارة أو الكتابة أو الانتظام بين صحب الأمير ومستشاريه، أو لمجرد الرعاية والحماية. وكان من هؤلاء حسبما أسلفنا شعراء عظام مثل أبى بكر بن عمار الشاعر الذكي المبدع، وقد أتينا على أحداث حياته فيما تقدم، وأبى الوليد بن زيدون الذي يصفه الأستاذ نكل بأنه " شاعر عظيم للحب "، ويعتبره مثلا " لأبدع نموذج للأسلوب العربي الكلاسيكي. وفي وسعنا أن نقارنه بالمتنبي والبحتري ".

وقد قارن العلامة دوزي، ابن زيدون في حياته الغرامية بالشاعر اللاتيني تيبولوس في حبه " لدِلْيا "، ولكن الأستاذ نكل لا يقر هذه المقارنة إلا من حيث الناحية الغرامية، وعنده أن المظاهر الشعرية تختلف بين الشاعرين الأندلسي واللاتيني، " كما تختلف الأزهار لوناً وعطراً " (?). والواقع أن حب ابن زيدون لولادة بنت الخليفة المستكفي (?)، كان أعظم حدث في حياته، وكان أعظم وحي لروائع شعره. وكانت ولادة ابنة جارية نصرانية، وكانت ناصعة المحيا، زرقاء العينين، حمراء الشعر، رائعة الحسن. ويصفها ابن بسام بقوله: " وكانت في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015