القلب بالذكر ( {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل} ) كاليهود والنصارى عطف على تخشع على قراءته بالتحتية، ونهى عن مماثلة أهل الكتاب على القراءة بالفوقية وفيه التفات ( {فطال عليهم الأمد} ) الزمان بينهم وبين أنبيائهم ( {فقست قلوبهم} ) معناه صلبت وقلّ خيرها وانفعالها للطاعات وسكنت إلى المعاصي ففعلوا منها ما هو مأثور عنهم ( {وكثير منهم فاسقون} ) خارجون عن الدين (والآيات) القرآنية (في الباب) أي التحريص على تذكر الموت وترك الاغترار بالحياة (كثيرة معلومة) والسعيد يكفيه واعظ واحد، بخلاف من لا نور له فلا ينجع فيه ألف عظة وشاهد.
1574 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي) كأنه فعل به ذلك ليقبل على سماع ما يلقي إليه ويفيق من عمرة ما هو فيه من الشغل عن ذلك، ونظير هذا التنبيه الفعلي التنيه القولي في قوله «ألا أنبئكم بخير أعمالكم» الحديث والياء يحتمل أن تكون بالتشديد على أن المضاف مثنى أدغمت ياؤه في ياء المتكلم، وإنما أخذ بهما زيادة في التنبيه، ويحتمل أن تكون بالتخفيف على إفراد ما قبله وهو الأقرب (فقال كن في الدنيا كأنك غريب) أي فلا تستكثر فيها من أمتعتها وزهراتها فإن شأن ذي الأسفار التخفيف عن نفسه بإلقاء ما يثقله، قال الشاعر:
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله
والزاد حتى نعله ألقاها
والإنسان في الدنيا غريب على الحقيقة، لأن الوطن الحقيقي هو الجنة كما حمل عليه كثير «حب الوطن من الإيمان» على الجنة وهي التي أنزل الله بها الأبوين ابتداء وإليها المرجع إن شاء الله تعالى بفضل الله ومنه، والإنسان في الدنيا في دار غربة كالمسافر من وطنه حتى يرجع إليه، والله الموفق لما يوصل إلى الرجوع إليه (أو عابر سبيل) أي داخل البلد على سبيل المرور بها لكونها على طريقك، ومن كان كذلك لا يأخذ منها إلا ما تدعو