السين وضمها لغتان بمعنى الهزؤ، وزيدت ياء النسبة للمبالغة. وعند الكوفيين المضموم من السخرة بمعنى الانقياد والعبودية، وكسرها من الاستهزاء والكسر فيه أكثر وهو أليق بالآية، ألا ترى أن قوله ( {حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون} ) ونسبة الإنساء إلى الفريق من حيث

إنه كان بسببهم. والمعنى: اشتغالهم بالهزؤ بهؤلاء أنساهم ما ينفعهم ( {إني جزيتهم اليوم بما صبروا} ) أي بصبرهم على أذاكم ( {أنهم هم الفائزون} ) قال الزمخشري: من فتح همزة إن فهي ومعمولاها المفعول الثاني أني جزيتهم فوزهم، ومن كسر فهو استئناف، وقال في «النهر» : الظاهر أنه تعليل من حيث المعنى لا من الإعراب لاضطرار المفتوحة إلى عامل، والفائزون: المنتهون إلى غايتهم التي كانت أملهم، ومعنى الفوز: النجاة من هلكة إلى نعمة ({قال} ) أي الله، أو الملك المأمور بسؤالهم ( {كم لبثتم في الأرض} ) أي أحياء ( {عدد سنين} ) تمييز لكم، وسؤاله لهم توقيف وهو تعالى يعلم عدد ما لبثوا، أو لفرط هول العذاب نسوا ذلك ( {قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم} ) قال ابن عطية. والغرض توقيفهم على أن أعمارهم القصيرة أداهم الكفر فيها إلى عذاب طويل، وقيل معناه: السؤال عن مدة لبثهم في التراب أمواتاً، وعليه جمهور المتأولين. قال ابن عطية: وهو أصوب من حيث إنهم أنكروا البعث وكانوا يرون أن لا يقوموا من التراب، قيل لهم لما قاموا منه كم لبثتم ( {فسئل العادين} ) أي القادرين على العدد فنحن في شيء لا نقدر معه على أعمال الكفر. والعادين الملائكة الحفظة ( {قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون} ) أي ما لبثتم فيها إلا زماناً قليلا على فرض أنكم تعلمون مدة لبثكم ( {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} ) أي عابثين بلا فائدة، حال أو مفعول له ملهياً بكم، وما زيدت للتأكيد ( {وأنكم إلينا لا ترجعون} ) عطف على أنما.

(وقال تعالى) ( {ألم يأن} ) أي ألم يحن، يقال أنى الشيء يأنى إذا حان ( {للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} ) أي ألم يأت وقت خشوعها عند ذكر الله، أو لأجل ذكر الله والموعظة وسماع القرآن. عن ابن عباس: عوتب المؤمنون بهذه الآية بعد ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن. وحكى السبكي عن ابن المبارك أنه في صباه حرّك العود ليضربه فإذا به قد نطق بهذه الآية، فتاب ابن المبارك وكسر العود وجاءه التوفيق والخشوع والإخبات والتطامن، وهي هيئة تظهر في الجوارح متى كانت في القلب ولذا خص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015