إليه ضرورة سفره من نحو طعام أو شراب (وكان ابن عمر يقول) كالتذييل لما قبله من حيث المعنى، حضا للنّاس على ورود هذا المنهل ورد عناية ببركة حلول نظر المصطفى (إذا أمسيت) أي دخلت في المساء (فلا تنتظر الصباح) وهو لغة من نصف الليل إلى الزوال، ومنه إلى نصف الليل المساء كما نقله السيوطى عن الجمهرة لابن دريد وقال: إنها فائدة عزيزة النقل، أما الصباح شرعاً فمن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والمعنى: إذا أدركك المساء فبادر بصالح العمل والتوبة من الزلل ولا تسوّف بأن تدرك زمن الصباح فتؤخر ذلك له فلعل الأجل ينقضي قبله كما يقع كثيراً، وعقدت هذا المعنى في قولى:
إذا أمسيت فابتدرالفلاحا
ولا تهمله تنتظر الصباحا
وتب مما جنيت فكم أناس
قضوا نحبا وقد باتوا صحاحاً
(وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك) أي زمنها لعمل البر ما تدخره (لمرضك) لعجزك عن ذلك (ومن حياتك) لتمكنك فيها من عمل الطاعات (لموتك) ليؤنسك في القبر (رواه البخاري) والحديث تقدم مع «شرحه» في باب فضل الزهد.
2575 - (وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما حق) أي ليس شأن (امرىء مسلم) من جهة الحزم والاحتياط، والتقييد بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، أو للتهييج لتقع المبادرة إلى امتثاله لمايشعر به من نفي الإسلام عن تارك ذلك قاله في «فتح الباري» (له شيء) في رواية: له مال (يوصي فيه يبيت) كأنه على تقدير أن أي بيانه، وهو كقوله تعالى: {ومن آياته يريكم البرق} أي ليس شأنه من جهة الحزم والاحتياط بياته كذلك لعله يفجؤه الموت وهو على غير وصية، ولا ينبغي للمؤمن أن يغفل عن ذكر الموت والاستعداد له، والمصدر المؤول من أن بدل من امرىء، ويجوز أن يكون يبيت صفة لمسلم وبه جزم الطيبى وقال: هي صفة ثانية، وقوله «يوصى فيه» صفة شيء ومفعول يبيت محذوف: أي آمنا أو ذاكراً وقال ابن التين: تقديره موعكا، والأول أولى لأن طلب