قبله اعتناء به لكثرته بالنسبة إلى غيره من أحكام الباب، وقوله: "محققا أو مسهلا" حالان من ضمير ورد العائد على الهمز، ومراده بالتسهيل التخفيف على أي وجه كان، لا التسهيل بين بين فقط، وهذا لا باب يلزم مزيد الاعتناء به لكونه أعظم أبواب هذا النظم تنويعا، وأكثرها تأصيلا، وتفريعا، وأدقها تعليلا وتوجيها، وأحوجها بيانا وتنبيها، ثم قال:

فضبط ما حقق بالصفراء ... نقط وما سهل بالحمراء

تلكم في هذا البيت على حكمين من أحكام الهمزة: أحدهما هيئتها، والثاني لونها، فأما هيئتها فذكر أنها نقط يعني مدورًا كنقط الإعجام في الصورة سواء كانت محققة أو مسهلة، وسيذكر أنها تكتب عينا أيضًا، وأما لونها فصفرة أو حمرة فأشار إلى أنها إن كانت محققة في اللفظ، فهي الخط صفراء اللون سواء كانت أولًا نحو: {أَنا} 1 أو وسطا نحو: {سَأَلُوا} 2 أو آخرا نحو: {بَدَا} 3 وسواء كانت صورتها ألفا كما مثلنا أو ياء نحو: {يُبْدِئُ} 4 أو واوا نحو: {يَعْبَأُ} 5، وسواء كانت مصورة نحو ما تقدم أو غير مصورة نحو: {آنِيَةٍ} 6 و {الْأَفْئِدَةِ} 7، و {مِلءُ} 8، وسواء كانت متحركة كما تقدم، أو ساكنة نحو: {الرُّؤْيا} 9، و {وَرِئْيًا} 10، و {سُؤْلَكَ} 11، و {نَبِّئْ} 12، وسواء كانت مفردة كما تقدم، أو مجتمعة مع غيرها نحو: {أَأَسْجُدُ} 13، و {آلِهَتِنَا} 14، و {شَاءَ أَنْشَرَهُ} 15، وأشار بقوله: "وما سهل بالحمراء" إلى أن الهمزة إن كانت مسهلة يعني مخففة في اللفظ فهي في الخط حمراء، اللون، وظاهره يقتضي العموم كالذي قبله، لكن الناظم سيخصصه بعد هذا البيت بالتسهيل بين بين، وبالبدل حرفا محركا، فلا يدخل فيه المخفف بالإسقاط، ولا بالنقل ولا بالبدل حرفًا ساكنًا.

تنبيه: لم يذكر الناظم حكم حركة الهمزة، والذي عندهم أن المحققة تحرك كسائر الحروف، وأما المخففة فإن سهلت بين بين، فلا تحرك إذ حركتها غير خالصة، ولا فرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015