يجد فيه سبيلا إلى مزيّة علم، وفضل استبانة، وتلخيص حجّة (?)، وتحرير دليل، ثمّ يعرض عن ذلك صفحا، ويطوي دونه كشحا (?)، وأن يربأ بنفسه (?)، وتدخل عليه الأنفة من أن يكون في سبيل المقلّد الذي لا يبتّ حكما، ولا يقتل الشيء علما، ولا يجد ما يبرئ من الشبهة، ويشفى غليل الشاكّ، وهو يستطيع أن يرتفع عن هذه المنزلة، ويباين من هو بهذه الصفة، فإنّ ذلك دليل ضعف الرأي وقصر الهمّة ممن يختاره ويعمل عليه.
اعلم أن ليس «النّظم» إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه «علم النحو»، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نهجت فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخلّ بشيء منها.
وذلك أنا لا نعلم شيئا يبتغيه الناظم بنظمه غير أن ينظر في وجوه كل باب وفروقه، فينظر في «الخبر» إلى الوجوه التي تراها في قولك: «زيد منطلق» و «زيد ينطلق»، و «ينطلق زيد» و «منطلق زيد»، و «زيد المنطلق» و «المنطلق زيد» و «زيد هو المنطلق»، و «زيد هو منطلق».
وفي «الشرط والجزاء» إلى الوجوه التي تراها في قولك: «إن تخرج أخرج» و «إن خرجت خرجت» و «إن تخرج فأنا خارج» و «أنا خارج إن خرجت» و «أنا إن خرجت خارج».
وفي «الحال» إلى الوجوه التي تراها في قولك: «جاءني زيد مسرعا»، وجاءني يسرع»، و «جاءني وهو مسرع أو وهو يسرع» و «جاءني قد أسرع» و «جاءني وقد أسرع».
فيعرف لكلّ من ذلك موضعه، ويجيء به حيث ينبغي له.
وينظر في «الحروف» التي تشترك في معنى، ثم ينفرد كل واحد منها بخصوصية في ذلك المعنى، فيضع كلّا من ذلك في خاص معناه، نحو أن يجيء ب «ما» في نفس الحال، ب
«لا» إذا أراد نفي الاستقبال، وب «إن» فيما يترجح بين أن يكون وأن لا يكون، وب «إذا» فيما علم أنه كائن.
وينظر في «الجمل» التي تسرد، فيعرف موضع الفصل فيها من موضع الوصل،