قولي نعم، ونعم إن قلت واجبة ... قالت: عسى وعسى جسر إلى نعم

فترى لها لطفا وخلابة (?) وحسنا ليس الفضل فيه بقليل.

ومما هو أصل في شرف الاستعارة، أن ترى الشاعر قد جمع بين عدّة استعارات، قصدا إلى أن يلحق الشكل بالشكل، وأن يتمّ المعنى والشّبه فيما يريد، مثاله قوله امرئ القيس: [من الطويل]

فقلت له لمّا تمطّى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل (?)

لما جعل للّيل صلبا قد تمطّى به، ثنّى ذلك فجعل له أعجازا قد أردف بها الصّلب، وثلّث فجعل له كلكلا قد ناء به، فاستوفى له جملة أركان الشّخص، وراعى ما يراه الناظر من سواده، إذا نظر قدّامه، وإذا نظر إلى خلفه، وإذا رفع البصر ومدّه في عرض الجوّ.

واعلم أن هاهنا أسرارا ودقائق، لا يمكن بيانها إلّا بعد أن تقدّم جملة من القول في «النظم» وفي تفسيره والمراد منه، وأيّ شيء هو؟ وما محصوله ومحصول الفضيلة فيه؟ فينبغي لنا أن نأخذ في ذكره، وبيان أمره، وبيان المزيّة التي تدّعى له من أين تأتيه؟ وكيف تعرض فيه؟ وما أسباب ذلك وعلله؟ وما الموجب له؟

وقد علمت إطباق العلماء على تعظيم شأن «النظم» وتفخيم قدره، والتنويه بذكره، وإجماعهم أن لا فضل مع عدمه، ولا قدر لكلام إذا هو لم يستقم له، ولو بلغ في غرابة معناه ما بلغ، وبتّهم (?) الحكم بأنه الذي لا تمام دونه، ولا قوام إلّا به، وأنه القطب الذي عليه المدار، والعمود الذي به الاستقلال. وما كان بهذا المحلّ من الشّرف، وفي هذه المنزلة من الفضل، وموضوعا هذا الموضع من المزيّة، وبالغا هذا المبلغ من الفضيلة، كان حري بأن توقظ له الهمم، وتوكّل به النفوس، وتحرّك له الأفكار، وتستخدم فيه الخواطر، وكان (?) العاقل جديرا أن لا يرضى من نفسه بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015